في يناير من عام 2005 تقدمت أسرة شاب كويتي إلى مباحث أمن الدولة بشكوى تفيد عن غياب ابنها الذي ترك رسالة لهم عن رغبته في السفر إلى الجهاد ضد القوات الأميركية في العراق، وبعد تسلم الملف من قبل المباحث التي باشرت تحرياتها تبين لها أن الشاب موجود في الكويت، وأنه استأجر مركبة من أحد المكاتب في منطقة ميدان حولي، وبعد مراقبة الشاب وأثناء رغبة المباحث في ضبط الشاب من قبل رجال المباحث غير المسلحين بادر عدد من أصدقاء المطلوب بإطلاق النار على الشاب، وعلى رجال الأمن وفروا هاربين، واكتشفت الداخلية حينها ما سمي «بخلية أسود الجزيرة الإرهابية»، التي انتهى القضاء إلى إدانة 6 منهم بالحبس المؤبد إلى جانب عدد من المتشددين الآخرين.

Ad

بعد عامين من مغامرات خلية أسود الجزيرة الإرهابية المحزنة، التي كان ضحيتها مواطنين، ولكن مالفت نظري هو أن أغلب من قتلوا تدربوا على حمل السلاح وسبق لهم قتال الأميركيين في العراق، حتى كانت نهايتهم بقتال إخوانهم الكويتين من رجال الأمن، والسؤال الذي طرحته في ذلك العام ولم أجد إجابة عنه وأطرحه مجددا اليوم، هل علم جهاز أمن الدولة عن طريق الصدفة بتنظيم خلية أسود الجزيرة، وأعني الصدفة هنا هي شكوى أسرة المواطن ضد ابنهم الذي أخبرهم برغبته في الجهاد بالعراق، فإذا كان الجهاز يملك معلومات عنهم فلماذا لم يضبط الأخوين عامر خليف وناصر الخليف والأخير كان يتنقل ما بين العراق والكويت، بل ان المتهمين الذين تم التحقيق معهم في النيابة أبلغوا أن ناصر خليف التقى «ابومصعب الزرقاوي» قبل قتله.

وبعد 3 سنوات مضت على خلية أسود الجزيرة التي انتهت بقتل عدد من أفرادها وسجن البعض الآخر، تظهر وسائل الإعلام أخبارا عن تفجير ثلاث مواطنين أنفسهم في العراق كنوع من أنواع الجهاد ضد القوات الأميركية، وهنا يُثار تساؤل آخر، أين مباحث أمن الدولة من هؤلاء؟ وكيف خرجوا وبعضهم لا يحمل وثيقة سفر كما أفادت أسرهم وحتى من لديه وثيقة كيف خرج؟ ولا يملك جهاز المباحث أية معلومات عنهم، بل ان العملية الأخيرة، تؤكد أن الجماعات الجهادية أخذت تستجمع قواها مرة أخرى، وتنشط بعد مطاردة أمنية لخلية أسود الجزيرة في 2005، وهو الأمر الذي يدعونا إلى إثارة تساؤل مشروع، هل نحن مستعدون لأي نشاط قد تمارسه الجماعات الجهادية أم أن الصدفة ستقود الجهاز الأمني إلى ضبط الجهاديين، وفي كلتا الحالتين أدعو الله أن يخيب ظن كل من يحاول المساس بأمن بلدنا، أو أن يضر بالآمنين المقيمين في هذه البلد الطيب، وأن تبذل أجهزة الأمن قصارى جهدها في ملاحقة كل من يحاول العبث بأمن هذا البلد، مع تأكيد تطبيق القانون، على من يتم ضبطهم أو حتى التحري عنهم، وتأكيد أحكام القضاء الكويتي بهذا الشأن، «بأنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حقوق الناس وحرياتهم».