«ولم يتحقق شيء من التقدم المضموني طوال ربيع وصيف 78خلال سلسلة لا تنتهي من الاتصالات بين القادة المصريين والإسرائيليين». وليام كوانت.

Ad

وعمد الرئيس السادات طوال تلك الفترة إلى خطين أساسيين: الخط الأول؛ خارجي ويتمثل في ضمان استمرار مشاركة الولايات المتحدة كوسيط (99% من أوراق اللعبة في يد أميركا) كذلك محاولة استمالة وايزمان نحوه للضغط على بيغن، والثاني؛ داخلي استمرت فرديته في اتخاذ القرارات وخلافاته مع معاونيه... ويقول إبراهيم كامل في مذكراته «ولكن المشكلة الكبرى كانت تصرفات الرئيس السادات الفردية التي يفاجئنا بها دون سابق إنذار والتي تشكل خروجا عن الخط السياسي الذي نتبعه، وغالبا ما ينتهي ذلك إلى أوضاع تسيء إلى موقفنا مما يتطلب جهودا إضافية لإصلاحه»، ويقول جوزيف فينكلستون (السادات وهم التحدي)... «كان سلوك أنور السادات قبل الذهاب إلى كامب ديفيد يثير حيرة وقلق كارتر وبيغن ووزير خارجيته محمد إبراهيم كامل، وإذا كانت حيرة الأولين وقلقهما مفهومة فإن قلق وحيرة وزير خارجيته غير مفهومة ولا مقبولة على الإطلاق، خاصة إذا كانت متعمدة من جانب السادات الذي أصر على إصابة كل معاونيه بالحيرة والقلق من تصرفاته الفجائية».

وفي محاولاته للضغط على بيغن من خلال وايزمان دعاه السادات في مارس 78 خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة في محاولة رأب الصدع العربي الأمر الذي لم يكن مبررا على الإطلاق من جانب إبراهيم كامل، والذي احتج عليه بشدة، وليس العجب في حضور وايزمان «سواء بدعوة من السادات كما قال هو أو بناء على طلبه كما قال السادات» ولكن فيما دار في هذا اللقاء الذي يقول عنه وايزمان «ملخص محادثاتي مع السادات جعل مزاجي أفضل، فالرئيس المصري لم يكن مهتماً بالدولة الفلسطينية، بل كانت لديه رغبة في أن يترك مستوطناتنا في الضفة الغربية في مكانها، وسوف يستغني عن الملك حسين إذا رفض الملك المشاركة في المفاوضات، وقد كنت ممنوناً لوجود أهارون باراك المستشار القانوني لمجلس الوزراء واستماعه إلى حديثنا، فبدون شهادته لم يكن أحد في إسرائيل يصدقني»!!

والمحاولة الثانية مع وايزمان كانت في يوليو 78 في سالزبورغ في النمسا عندما طلب منه السادات الحضور، وقال له السادات «إنني على استعداد لأن أشق فرعا من النيل يمشي تحت قناة السويس إلى العريش ويصل إليكم في سيناء والنقب». وأضاف «لا أريد أن يعرف أحد بما قلته لك، فقال وايزمان إنك بطلبك الكتمان تقيد حركتي في الاستفادة من هذا الاقتراح العظيم، فلا بد أن أقول ذلك لبعض الناس إذا كان علي أن أقنع آخرين بما فيهم بيغن نفسه بشكل المستقبل الذي تتصوره للسلام». هيكل (عواصف الحرب والسلام).

فهل نجح السادات من خلال صدماته الكهربائية الفجائية وقراراته الفردية في جعل الموقف المصري أكثر تشدداً؟ أم أن جماعية الفكر الصهيوني كانت لها الغلبة؟

وبدأت إرهاصات القمة تلوح في الأفق، فقد بذل ديان جهدا كبيرا للحصول على التأييد الأميركي لاتفاق مصري إسرائيلي منفصل، وكما قال بالحرف «إن المستقبل مع مصر، فإذا نزعت ولو عجلة واحدة من العربة فإنها لن تسير، وإذا خرجت مصر من النزاع فلن تكون هناك حروب أخرى». وليام كوانت (عملية السلام).

وكان كارتر يرى أن عقد القمة هو الطريق الوحيد لتمرير القرارات، وكان يعتمد على دوره كوسيط في حل الخلافات بين الفريقين، وكان السادات -بالطبع- أسبق الجميع في الإيمان بأن الطريق الوحيد للحل هو في اللقاءات المباشرة والاتفاق الثنائي مع بيغن، وإن كان يبدي غير ذلك كما قال في اجتماع مجلس الأمن القومي قبل أيام من سفره إلى كامب ديفيد مع إبراهيم كامل «لقد قرأت المشروع الذي كتبته أنت ومعاونوك، وأنه يجب علينا أن نأخذ موقفا متشددا مع بداية أسبوع الاجتماعات في كامب ديفيد، وسخر السادات من وزير خارجيته عندما قال له هل تظن نفسك دبلوماسيا عن أي أسبوع تتحدث، إنني أنوي أن أذهب إليهم وأطرح مشروعي وأدمر المؤتمر وأعود خلال 48 ساعة « (السلام الضائع ص393)

فهل هذا ما كان ينويه فعلا الرئيس السادات؟ لا أحد يعلم... ولكن بالتأكيد نعرف ما حدث هناك.

وللحديث بقية