دردشة قبل القمة الاقتصادية العربية
منذ أن بدأ مسلسل الانهيار المالي حتى يومنا هذا، لم نخرج من دوامة التصريحات المتناقضة، فالحكومات تُطمئن الشعوب، والقطاع المالي يُنذر بكرة ثلج قادمة، والصفحات الاقتصادية تزخُر بالحلول والأفكار المقترحة، كتخصيص صناديق لإطفاء حرائق الأزمات المالية، وتدخّل الحكومات لشراء نسب من أسهم البنوك، وتأكيدها عدم المساس أو المخاطرة بأموال دافعي الضرائب وحمايتها لإنقاذ مغامري سوق الأسهم والعقار.والمجالس التشريعية أيضاً اصطدمت بافتقارها إلى الكفاءات الاقتصادية، أما الصروح الأكاديمية التي تعج بأساتذة الاقتصاد وأصحاب الفكر الاقتصادي فقد أصابتها الحيرة من أمرها، فبعد المطالبة بجعل الخصخصة سياسة رسمية، والدعوة إلى حث مؤسسات الإنتاج أو الخدمات في القطاع العام على منافسة مثيلاتها في القطاع الخاص، من حيث انتظام العمل والقدرة التنافسية والسعي إلى تقليص دور الدولة، تغيرت هذه النظرة وتبدلت إلى الحاجة إلى إعادة النظر في المناهج والنظريات، واستعادة دور الدولة كطرف منقذ في فترة الأزمة، ثم إيجاد تخريجة جديدة لمصطلح التأميم لإعادة إحيائه من جديد.
أما الدول العربية ذات الوفرة المالية، فتفوق فيها القطاع الخاص على المؤسسات الحكومية في «التحليل الاقتصادي» وتلمس مكامن الأزمة، فالصحف المملوكة من قبل القطاع الخاص باشرت بترجمة التقارير الاقتصادية الأجنبية الصادرة عن بيوت الاستشارات العالمية، ولم تخلُ القنوات الفضائية الإخبارية الخاصة من الوجوه الاقتصادية العاملة في القطاع الخاص، والمثير في الأمر هو عزوف تلك القنوات عن استضافة الوجوه الحكومية، وابتعادها عن بث التصريحات الرسمية الخاصة بالأوضاع المالية... فهل فقد الخطاب الرسمي لوزراء المال والاقتصاد مصداقيته؟ واسمحوا لي باستباق انعقاد القمة الاقتصادية العربية لأقتراح أن يتطرق المؤتمر إلى موضوع الأزمة المالية وتداعياتها، ودراسة تأثيراتها في المجالات المختلفة، خصوصا معاناة الدول العربيةالتي تقع ضمن مناطق النزاع وعدم الاستقرار والأكثر فقراً، وأقترح أيضاً دراسة موضوع التعامل مع النقص في المساعدات والمعونات الخارجية التي تتلقاها بعض الدول العربية، ومدى تأثير الأزمة على إسهامات الدول الكبرى في تمويل أنشطة الأمم المتحدة، وكيف ستواجه الدول في مناطق النزاع قضية نقص تمويل عمليات حفظ السلام إلى جانب موضوع تمويل القوات الدولية الموجودة حاليا، بغض النظر عن الاختلاف في وجهات النظر حول فاعليتها؟ فقد كانت تمول من قبل الدول الصناعية الكبرى فما هو مصيرها؟أقترح أيضا أن يتطرق المؤتمر إلى موضوع ارتفاع نسبة الهجرة إلى الخارج وفقدان الدول جاذبيتها للبقاء، بسبب الأزمة المالية وانضمام العدد الأكبر من الشباب إلى دائرة البطالة، وخلاصة الأمر أن آثار الأزمة تبدو واضحة وضوح الشمس، وتمس الأمن والاستقرار وعشقنا للصناديق التمويلية.في نهاية كل مؤتمر سيدفعنا «كدول عربية مانحة.. دون مقابل» لاقتراح إنشاء صندوق تسهم به الدول العربية «المانحة» لتمويل عمليات حفظ السلام، وذلك بعد تحديد مناطق النزاع، كما أقترح شخصيا وبعد متابعتي لإقبال المحطات الإخبارية على الاستعانة بالشخصيات الاقتصادية الكويتية، بالإضافة إلى تقارير البنوك ومراكز المال الكويتية، أقترح تفعيل دور الإعلام الاقتصادي وإنشاء قناة اقتصادية متخصصة.