Ad

هناك رواية غير محققة، ولكنها معقولة ومقبولة تقول إن اسم المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية، باراك أوباما، الحقيقي هو مبارك حسين أبوعمامة، وبالتأكيد فإن ترويج هذه الرواية في هذه الأيام ليس في مصلحة هذا «الأبانوسي» الذي إن وصل إلى البيت الأبيض، فإننا سنفقأ به عيون الصهاينة ومن لفَّ لفهم... ولو من قبيل النكاية والمكابرة.

آخر اكتشافات العقيد معمر القذافي اللغوية، الذي بقي يعطي نكهة خاصة لنادي الرؤساء والقادة العرب، هو أن أصل كلمة «car»، التي تعني «سيارة» باللغة الإنكليزية، عربيٌّ وأنه مأخوذ من المفردة العربية «كرَّ». وكان الأخ قائد الثورة أطال الله عمره قد اكتشف أن اسم الشاعر الإنكليزي الشهير شكسبير عربيٌ أيضاً وأنه بالأساس «الشيخ الزبير». والحقيقة، أن اللغات الغربية كلها تحتوي على مفردات عربية وذلك بحكم التجاور الجغرافي وبحكم الحروب الصليبية التي سماها العرب «حروب الفرنجة»، وبحكم الاستعمار الاستيطاني القديم لبلاد الشام وبعض أجزاء مصر في الزمن الهيلليني- الإغريقي وفي زمن الإمبراطورية الرومانية وبعد ذلك.

في عام 1982 استضافني الحزب الشيوعي الفرنسي وعائلتي الصغيرة لبضعة أيام في بيت للضيافة يقع في ضاحية «نانتير» في باريس، ومع أنني لا أتحدث من اللغة الفرنسية سوى تحية الصباح «بُون جور» التي تعلمتها خلال دراستي وإقامتي في لبنان، فإنني اكتشفت أن هذه اللغة الناعمة الجميلة تحوي مفردات عربية كثيرة جداً من بينها كلمة «فكير» أي «فقير» التي لا تعني ضيق ذات اليد، وإنما تعني «الدَّرْوشة».

والبدْو في الأردن، ليس حديثاً وإنما منذ عهود بعيدة، يصفون من يدير وجهه ويذهب بعيداً بأنه «كوطَرْ» والمؤكد أنها مأخوذة من الكلمة الإنكليزية «Go there» التي تعني الشيء نفسه... وفي البادية الأردنية يصفون بيت الشَّعر الذي ينْصَبُ على «عمودين» بـ«المـُدَوْبَلْ»، وهذا بلا أدنى شك مأخوذ من المفردة الإنكليزية «Double»... والكل يعرف أن كلمة «دريوِلْ» المستخدمة في كل دول الخليج العربي آتية من كلمة «Driver» التي تعني السائق.

وبالطبع فإن أشقاءنا في العراق أكثر العرب، العاربة والمستعربة، استخداماً للمفردات الإنكليزية بعد تحويرها لتتلاءم مع اللهجة العراقية المميزة «بوطل» و«كلاس» و«هورِنْ»، وذلك مع احتفاظهم ببعض المفردات الإيرانية والتركية مثل: «قوري» الإبريق، والـ«تشيربايه» التخت، و«طوز» أي الغبرة التي يستخدمها الخليجيون أيضاً... وفي المغرب العربي، فإنهم باللهجة الدارجة يستخدمون مع كل مفردة عربية مفردتين فرنسيتين.

في أفغانستان التي زرتها كصحافي ست مرات، كان أولها في عام 1979 بعد سقوط الرئيس حفيظ الله أمين مباشرة وبداية عهد بابراك كارمال، علمت أن هناك منطقة اسمها «نورستان» تسكنها قبيلة عربية جاء جدودها مع الفاتح يعقوب بن الليث وقطنوا هذه المنطقة الجبلية المعزولة، ولذلك فإنهم حافظوا على لغتهم العربية أي لغة قريش التي نزل بها القرآن الكريم، ومازالوا يتحدثونها من دون أي شائبة ومن دون أي مفردة شاردة.

الآن يتم تداول رواية غير محققة، ولكنها معقولة ومقبولة تقول إن اسم المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية باراك أوباما الحقيقي هو مبارك حسين أبوعمامة، وبالتأكيد فإن ترويج هذه الرواية في هذه الأيام ليس في مصلحة هذا «الأبانوسي» الذي إن وصل الى البيت الأبيض، فإننا سنفقأ به عيون الصهاينة ومن لفَّ لفهم... ولو من قبيل النكاية والمكابرة.

كنت مرة، وهذا كان في نهايات ستينيات القرن الماضي، في إسطنبول، وبينما كنت أتحدث مع زميل هناك يتابع تعليمه في إحدى الجامعات التركية، ونحن نتناول؛ «الشاطر والمشطور وبينهما الكامخ» حسب ترجمة مجمع اللغة العربية لكلمة «ساندويش» الرشيقة الجميلة، تقدم نحونا «أركداش» تركي وخاطبني: هل قلت لكن... وفقط قلت: نعم... ضحك بقهقهة مرتفعة ثم قال: إذن لماذا تخاطبني من خلال هذا «الترجمان» مادام أنك تعرف اللغة التركية!... ولله في خلقه شؤون.

* كاتب وسياسي أردني