إن معركة باكستان التي يخوضها اليوم جورج بوش والتي قد تبدو وكأنها الأخيرة له قبل أن يرحل من المشهد الدولي، أريد لها في الظاهر على ما يبدو أن تختم حياة هذا الرجل بانطباع وكأنه لا يزال يبحث عن بن لادن!

Ad

لم يبق على العمر السياسي الحقيقي للرئيس الأميركي جورج بوش سوى ربع عام، ومن بعد ذلك فإن العالم كله سيبدأ يتذكر كلمته الشهيرة قبل نحو سبع سنوات من الآن: «أريد بن لادن حياً أو ميتا»!

سبع سنوات عجاف مرت على أميركا والعالم كله معها، ولم يتمكن بوش ليس فقط من القبض على بن لادن حيا أو ميتا، بل إنه أفقر أميركا وأدخل العالم كله في دوامة من العنف اللامتناهي والفوضى والحروب العبثية التي لا أفق لها، فقط لأنه لم يرد أن يرى أبعد من أنفه، ولم يرد أن يصغي لأحد سوى من يطبل لأسطوانته المشروخة التي سجلت بمنزلة براءة اختراع باسمه، ألا وهي مكافحة الإرهاب!

لم يترك بلدا واحدا في العالم إلا أدخله في حربه العالمية ضد الإرهاب، فيما كان ولا يزال يرفض الجلوس إلى طاولة حوار متكافئة واحدة مع مخاصميه ليناقش معهم مفهوم الإرهاب الذي يدّعي ويزعم أنه يريد محاربته!

كثيرون في العالم كانوا يعرفون وقد ثبت لديهم بشكل ملموس بأن جورج بوش ومن كان معه، لم يكونوا يفتشون عن مخبأ بن لادن ولا عن طريقة أو أسلوب أنجع للقضاء على العنف والإرهاب بقدر ما كانوا يبحثون عن وسائل السيطرة على الموارد العالمية!

إن معركة باكستان التي يخوضها اليوم جورج بوش والتي قد تبدو وكأنها الأخيرة له قبل أن يرحل من المشهد الدولي أريد لها في الظاهر على ما يبدو أن تختم حياة هذا الرجل بانطباع وكأنه لا يزال يبحث عن بن لادن!

وبغض النظر عن رأي أي منا ببن لادن وتقييمنا له، لكن القدر المتيقن الذي بات ثابتا لدى أغلبية من تابعوا سيرة هذا الرئيس وإدارته هو أنه سيخرج من هذه المعركة أيضا بخُفي حنين، وسينتهي عصره ليس بابن لادن ولا بالسيطرة على الموارد فحسب، بل بالعالم تماما!

أنا من جهتي أستطيع أن أراهنكم من الآن بأن ما سنقرأه سويا مع انتخاب الرئيس الأميركي الجديد من عناوين أساسية للأنباء هو:

لقد رحل الرئيس السابق جورج بوش تاركا وراءه بن لادن ليس حياً يرزق فقط، بل يكاد يمسك بالحكم في باكستان، بعد أن أفلتت أفغانستان من يده مؤقتا وقد يعود إليها من جديد!

لقد رحل الرئيس السابق جورج بوش تاركا وراءه عالما يتخبط في موازين قوى قد لا تستقر على قدر إلا بعد خوض حروب إضافية جديدة هي من مواريث الرجل الراحل!

لقد رحل الرئيس الحالم بالرؤيا المخادعة التي كان لا ينفك يحدث شعبه والعالم بها بأن الله أمره بمهاجمة هذا البلد الشرير أو ذاك، تاركا وراءه عالما يتخبط في رؤياه، كيف يمكن إنقاذ المشهد الدولي مما سببه من فوضى عارمة وإفقار لم يسبق لرئيس دولة عظمى أن سببه لبلاده!

لكن في المقابل فإن العنوان الرئيسي سيكون: وأخيرا تنفس العالم الصعداء بذهاب جورج بوش، وليأت بعد ذلك من يأتي، لأن العالم بعد بوش، أيا كان المشهد فيه لن يكون أسوأ مما كان عليه أيام الرئيس الراحل جورج بوش!

أعرف أنني أكتب عن هذا الموضوع مبكرا، لكن ما يجري من حروب قذرة من حول العالم حول السيطرة على موارد الطاقة بإدارة مباشرة من بوش وديك تشيني، وأخيرها وليس آخرها حرب القوقاز التي كانت كافية لتقنع العالم على ما يبدو بأن عهد بوش قد انتهى، وما يقوم به اليوم من «ألعاب نارية» يفرط فيها بمن تبقى من أرواح الناس الأبرياء في باكستان على مقربة من وزيرسستان، التي يعتقد أنها ملجأ بن لادن المحصن، وهذا ليس سوى نوع أخير من ذر الرماد في العيون من قبل رئيس لم يشهد التاريخ البشري أكثر فشلا منه، والأيام بيننا كيف ستكتب عنه الأمة الأميركية نفسها!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني