في مقاله في 13 مارس 2009، ناقش الزميل في «الجريدة» عبدالمحسن جمعة ما كتبته في 5 و12 مارس عن مقترح «القرض الحسن» النيابي، وقبل الرد يجدر التمني بأن تحظى كل الاقتراحات ومشاريع القوانين بنقاشات مستفيضة كما حظي بها مقترح القرض الحسن في المؤتمر الصحافي والمقابلات التلفزيونية لمقدميه ومقالات الكتّاب التي ناقشته وتعليق الجهات الاقتصادية عليه، بدلاً من سلق القوانين بسرعة ومن ثم اكتشاف مثالبها كما اعتدنا.

Ad

في مطلع نقده، قال الزميل إنني بعد أن رصدت اكتظاظ المجمعات والمطاعم والمقاهي بالزبائن قررت «أن الحالة التجارية في البلد ممتازة» وهذا غير دقيق وخروج عن الموضوع، فلم أتحدث عن الحالة التجارية ولم أكن معنياً بها بالأساس، فالمقترح قدم لدعم المواطن وليس الحالة التجارية للبلد، وسوّق له مقدموه بأنه يضخ السيولة، فاستخدمت مثال المجمعات والمطاعم كمظهر من مظاهر متانة القوة الشرائية لدى المواطنين، وأن ضخ السيولة سيرفع معدل التضخم ويضعف القوة الشرائية وبالتالي يضر المواطنين.

وبالنسبة لتساؤل الزميل عن الفرق بين الضرائب الأميركية وإيرادات الكويت النفطية، ففي أميركا تأتي الضرائب من جيب المواطن مباشرة كثمن تمتعه بفرصة مزاولة نشاط اقتصادي حقيقي كالتجارة والصناعة، وبذلك استحق إيرادات نشاطه لأنه كسبها بتعبه وجهده، ومع ذلك يدفع عليها ضريبة مقابل قيام الدولة بتأمين نظام اقتصادي يتيح له مزاولة نشاطه وجني الرزق وتحقيق الربح، وعندما تقوم الحكومة الأميركية بتحفيز الاقتصاد عبر دعم المواطن مباشرة، فإنها إما أن تخفض نسبة الضريبة المستحقة فتبقى الأموال في جيب المواطن، وإما أن تعيد إليه جزءاً مما حصلته منه مسبقاً، وفي الحالتين لا توزع الدولة أموالاً بطريقة عشوائية، بل تعيد للمواطن ما استحقه من جهده وتعبه، وعادة ما يكون ذلك إجراء مؤقتاً حتى يسترد الاقتصاد عافيته، ومن ثم تعوض الدولة ما خسرته أثناء فترة الركود عبر رفع الضرائب وتخفيض الإنفاق الحكومي لاحقاً.

أما في الكويت، فالأموال المراد استخدامها في تمويل القرض الحسن المقترح لم يستحقها المواطن بالضرورة من جهده وتعبه، بل هي بمتناولنا فقط لأننا خلقنا على أرض عائمة فوق بحر نفط، يعني «ضربة حظ» فتلك الأموال في معظمها لم تأت نتيجة نشاط اقتصادي حقيقي قائم على التجارة والصناعة، بل تغرف من مورد ناضب غير مرتبط بإنتاجية المجتمع، وإذا ما أخذنا في الاعتبار فشل الحكومة المستمر في تحصيل فواتير الكهرباء والماء والهاتف وفشلها في الحفاظ على أملاك الدولة مما يقام عليها من ديوانيات ومخازن ومساجد مخالفة، فإني أشك حتى في قدرتها على استعادة ما تقرضه للمواطنين، يعني أنها على الأرجح ستكون أموالاً ضائعة ولا تعوض.

(... يتبع).