من الظواهر المزعجة في الإدارة الكويتية أنها لا تقدِّر الكفاءة وتنهك من لديه الاستعداد للعمل والتضحية دون أدنى تعبير عن الشكر والامتنان. بل إن المخلص يلقى الاستغلال وإلقاء كل الأعباء عليه مع وجود جيش جرار من الموظفين والمديرين لا يعملون. مشكلة محمد البدر أنه إنسان مخلص لبلده ودقيق في تنفيذ مهماته. عسكري من الطراز الأول وشجاع في مواجهة أي عراقيل في طريقه. حين يقبل بالتكليف لأي مهمة، فإنه يمنحها كل إخلاصه ويعمل على تنفيذها وإن أزعج مَن لا يرضى بها.

Ad

محمد البدر من رجالات الكويت المحترمين ليس لكونه من أبناء التجار أو من سكان المدينة أو لدوره في الجيش، ولكن لأنه مَن هو، لخلقه وجديته ومثابرته ولإخلاصه لوطنه. وقد قبل تولي مهمة إزالة المخالفات على أملاك الدولة رغم ما تحمله من متاعب ويعلم كل من مرت به أجهزة الإزالة أنه لم يستثنِ أحداً ولم يجامل أحداً ونفذ المهمة الصعبة رغم اعتقاد الكثيرين أن الإزالة لن تتم.

ما يطالب به النائب محمد هايف هو إهانة لعمل كل مخلص في هذا البلد. كنت أتوقع من النواب تقديم كل الدعم والتأييد وشد أزر محمد البدر وفريقه وحمايته من تسلط المتنفذين لو وقفوا في طريقه، ولكن كحال كل شيء جميل في الكويت، فإن المقاصل تُنصب والصراخ يتعالى لقتل الجمال والإخلاص والعمل الجاد.

على مدى ساعتين كرر محمد هايف وساعده أبناء عمومته في فزعة للسبب الخطأ أن محمد البدر هدم مسجداً قديماً بدعوى أن المسجد مرخص وليس على أرض الدولة وأنه تاريخي يخضع للحماية من الهدم حسب النظم. وتحاشى الحديث عن المسجد البديل ولم يخبرنا كيف أصبح المسجد هذا لا يجوز إزالته رغم علمنا جميعا أن كثيراً من المساجد أزيلت وبنيت مساجد أحدث منها.

أما القيمة التاريخية، فإن الكويت القديمة أزيلت عن بكرة أبيها وبنيت الكويت الحديثة، ولم يبقَ شيء نتذكر فيه كويتنا القديمة إلا القليل القليل. وأنا كمواطن في هذا البلد لم أسمع أن هذا المسجد بالذات كان مزاراً أو أن شخصية تاريخية قد بنته، ولم أعلم أن له أي قيمة تاريخية إلا من النائب محمد هايف.

إن كان محمد هايف حريص على بقاء ذلك المسجد أو يريد بناء مسجد آخر مكانه، فإن بإمكانه تقديم طلب واتباع الإجراءات القانونية لذلك من دون هذه الضجة والتهويش والتكفير. ومع أني موقن أنه لم يعد في الكويت شبر لبناء مسجد، فأنا أسمع أذان ثلاثة مساجد في وقت واحد وأي مسجد لا يبعد عن الآخر أكثر من 300 متر. لكن من المؤكد أن هناك أصولاً تتبع في بناء المساجد وترميمها وإزالتها أو استبدالها... ولم يقل لنا النائب لماذا قبل بهدم مساجد أخرى ولا يقبل بهدم هذا المسجد؟ ثم إن تحديد المواقع والبناء والهدم من صلب صلاحيات السلطة التنفيذية ولا أعتقد أنه في أي بلد في العالم يجب أخذ موافقة البرلمان قبل البناء أو الهدم.

يبقى على النائب ان يراعي خطورة وجود مساجد خاصة لا يتردد عليها إلا مجموعات معينة وتستضيف دعاة من نوع خاص. وبصفته النيابية عليه أن يحمي البلاد من الزوايا الخاصة التي نعرف كلنا كم خرجت من «المجاهدين» الذين قتلوا الأبرياء في بلاد مسلمة. وعليه أن يطالب بهدم أي مسجد لا يرخص من الدولة أو لا يكون تحت إشرافها. إن الكويت أمانة في أعناق نوابها وعليهم دعم أي جهد في بنائها وحمايتها. بدلا من التربص للمخلصين وافتعال قضايا تثير الاحتقان وتزلزل وحدة المجتمع.

محمد البدر ابن الكويت الوفي والشجاع ليس بحاجة لمن يشكره على أعماله، ولكنه بالتأكيد لم يتوقع هذا النكران وهذا الهجوم الظالم. فتحية له من القلب ودعاء لله العلي القدير أن يري محمد هايف ومَن معه طريق الصواب.