ممثلة كويتية قديرة. عندما نذكرها نذكر زمن الفن الجميل والأعمال الخالدة. إنها «سندريلا» الشاشة الخليجية سعاد عبدالله. لم تكن بمفردها في طريق الإبداع، إنما شكلت «الضلع الثالث» في مثلث يجمع إلى جوارها الفنانين القديرين عبدالحسين عبدالرضا وحياة الفهد.

Ad

نستطيع أن نطلق على الفنانة القديرة سعاد عبدالله «نجمة الكوميديا والتراجيديا»، فهي تتلون بكل بساطة حسب الدور الذي يُطلب منها وتقوم بتجسيده. جعلها تاريخها الطويل من رواد الدراما الخليجية، ومن الممثلات اللواتي يشار إليهن بالبنان. شكلت مع رفيقة دربها حياة الفهد أول ثنائي نسائي خليجي.

عندما نعود بذاكرتنا إلى الخلف، نجدها متألقه في مسلسل «خالتي قماشة» و «خرج ولم يعد» ومسرحية «على هامان يا فرعون». قائمة من الأعمال أقل ما يُقال عنها بأنها ذهبية، وسجل حافل من الأدوار التي تؤكد مكانة عبدالله ضمن الرعيل الأول في الدراما الخليجية، الذي لا يزال يمدّنا بعطائه وحضوره المميّز.

رأي النقّاد

يرى النقاد والمتابعون لحركة الإنتاج الدرامي في منطقة الخليج أن استمرار عبد الله لا بد من أن يكون بشكل أفضل مما هو عليه الآن، فهي بحاجة ماسة إلى التأنّي في اختياراتها لأعمالها وعدم الإقبال على تكثيف حضورها، فعمل واحد سنوياً يكفيها لتوثيق عطائها وقدراتها التمثيلية. فقد امتد نشاطها إلى المشاركة في الأعمال الخليجية كان آخرها مسلسل «جــاده 7»، جسدت فيه دور السيدة المصرية التي ترعى أسرتها وتحافظ عليها على رغم تقلّب الظروف وصعوبة الحياة. يتمنى عشّاقها أن تعود للالتقاء برفيقة دربها الفهد، إلا أن النجمتين لم تحددا بعد نقطة للعودة إلى الالتقاء في عمل درامي واحد.

ابتعاد وعودة

ابتعدت عبدالله في أحد مراحلها عن الأعمال الدرامية والمسرحية، ثم عادت بهدوء وعبر إنتاجها الخاص في الظهور عبر شاشات الفضائيات، خصوصًا في الأعمال الرمضانية. تشير التوقعات إلى أن ابتعادها عن الأعمال المسرحية بسبب نظرتها إلى ما يطرح في المسرح الكويتي والخليجي عموماً في الآونه الأخيرة، بعد أن تحوّل المسرح إلى المنحى التجاري في العروض التي يقدمها، وتحولت المسرحيات إلى مساحة فارغة من المضامين ومخصصة لـ{التهريج» والأعمال الهابطة. يعرف عنها الابتعاد عن مثل تلك الأعمال وتبرر ذلك بانشغالها في ترتيب أمور حياتها ومتابعة شؤون أسرتها والسهر على راحتهم، إلى جانب عدم حاجتها إلى الظهور الإعلامي عبر المساحات الواسعة كالحورات، وربما يشفع لها ذلك التصرّف، فممثلة بحجمها ليست بحاجة الى الدعم الإعلامي، لأن تاريخها وحده يتحدث عن أدق مراحلها ومشوارها الطويل والثري بالأعمال التي لا تزال تستقطب المشاهدين ويتحدث عنها عشاق الدراما والمسرح.

تساعدها قدراتها الفنية الهائلة في تقديم الأدوار الجادة والكوميدية، ورغم ذلك تعد عبدالله مقلّة في الظهور عبر الأعمال الكوميدية، ويعتبر «زمن الاسكافي» آخر أعمالها الكوميدية التي سطّرت ضمن سجل أعمالها.

عبدالله باختصار قديرة بين الممثلات، ووجه درامي لا يمكن القبول بغيابه وانقطاعه، لأننا نطمح في تواصلها الدائم لتقدم لنا ما يرضي عشاق إبداعها، ويجعلهم مطمئنين على الأعمال الدرامية الخليجية، خصوصا في ظل بروز أسماء لممثلات أقل ما يُقال عنهن بأنهن مجرد عارضات أزياء وما لديهن لا علاقة له بالفن لا من قريب ولا من بعيد.

المشوار الفنّي

بدأت عبدالله مشوارها عام 1963 مع الفنان الراحل محمد النشمي في برنامج تلفزيوني بعنوان «ديوانية التلفزيون»، ثم بدأت في مجال المسرح عام 1964 مع فرقة المسرح الكويتي بمسرحية عنوانها «حظها يكسر الصخر» من تأليف وإخراج الراحل محمد النشمي، وفي العام نفسه مثلت مع المسرح الكويتي كذلك مسرحية «بغيتها طرب صارت نشب»، من تأليف النشمي أيضًا وإخراج ثامر السيار، وعرضت في عام 1965. استمر تعاونها مع المسرح الكويتي حيث قدمت مسرحيات «السدرة» و «قاضي إشبيلية».انتقلت بعدها إلى المسرح العربي في مسرحيتي «اغنم زمانك» و «30 يوم حب»، ومع مسرح الخليج مثّلت مجموعة من المسرحيات، وقدمت بعضها مع فرق أخرى منها مسرحيات «علي جناح التبريزي»، «على هامان يافرعون»، «عزوبي السالمية».

التعاون مع «بوعدنان»

لأنها كبيرة وقديرة، كان لا بد من أن تشارك الكبار أعمالهم، وفي مقدمهم الفنان القدير العملاق عبد الحسين عبد الرضا، والتي قدمت معه أعمالا عدة رائعة ومتميزة.

زفّت إلينا السندريلا بشرى سارة قائلة: «هناك فكرة جميلة على غرار «رحلة معروف الإسكافي» تكتبها راهناً الكاتبة عواطف البدر، وهي من الكاتبات المتميزات في عالمنا العربي وسأتعاون في هذا المسلسل مع عبدالرضا، والمسلسل بعنوان «الزهايمر» لكن عبد الرضا كان مشغولا في مسلسله الجديد «التنديل» والذي ارتبط به مع تلفزيون الكويت، ولذلك تأخر التشاور في تحديد التوقيت المناسب لتنفيذ مسلسل «الزهايمر» إلى ما بعد الانتهاء من «التنديل»». على الرغم من أنهما قدما معًا تجارب عدة ناحجة ومميزة، إلا أن هذه التجربة ستكون مميزة أيضاً.

سفيرة النوايا الحسنة

كانت استقالة عبدالله من منصبها كسفيرة للنوايا الحسنة في الأمم المتحدة، مثار دهشة وغرابة من كل الناس، وهو المنصب الذي تقلدته قبل سنوات عدة بسبب عطائها البارز، ودورها الكبير في خدمة قضايا الإنسان والطفولة.

كانت الفنانة الكبيرة في رحلة خارج الكويت مع أسرتها، وكغيرها من أبناء الوطن العربي المخلصين تتابع بحزن شديد، وألم يعتصر قلبها ما يجري على أراضي لبنان الشقيق، وما يجري لشعبه الذي تربطه بالدول العربية الشقيقة كافة علاقات أقوى من أن توصف، فكانت تتابع آلامهم وهمومهم وأزمتهم والدمع يذرف من عينيها بسبب أولئك الضحايا الأبرياء الذين يتعرضون لهجمة شرسة وعدوان مميت ضدهم.

تقول عبدالله: «قررت تقديم استقالتي من منصبي كسفيرة للنوايا الحسنة»، أسوة بالخطوة التي اتخذها زملاؤها من الفنانين العرب. الأهم من ذلك أن مبادئها وأفكارها تحتّم عليها أن ترفع صوتها عاليا ضد الظلم، فإنها على الدوام ترفض الاعتداء على الآمنين، وترفض قتل الأبرياء وتشريدهم. وما حصل في لبنان عدوان صارخ لا يتفق مع العدل والقيم والأخلاق والأعراف الإنسانية.

لا تعني استقالتها بأية حال من الأحوال التقليل من دور الأمم المتحدة ومن المهام الملقاة على عاتقها، فقد بذلت ما في وسعها، لكن هناك قوة أكبر تقف ضد أداء مهمتها.

تؤكد عبدالله أن استقالتها من منصبها هو نوع من التضامن مع لبنان، وهو أقل شيء يمكن أن تقوم به الآن.

يذكر ان عدداً من سفراء النوايا الحسنة في الوطن العربي تقدموا باستقالاتهم احتجاجًا على ما يجري في لبنان ومنهم حسين فهمي.

العثرة

أصيبت عبدالله أثناء تصويرها المـسلسـل التلفزيوني «الشاهين» بحالة اختناق، ونُقلت فورًا الى المستشفى.

كانت تصور أحد مشاهدها في المسلسل، وتطلّب المشهد وجود عاصفة رملية شديدة، فأحضر فريق الفنيين كمية كبيرة من الرمل ووضعوها أمام مراوح هوائية كبيرة، فتناثرت ذرات الرمال على وجه عبدالله التي تحاملت على نفسها لإكمال تصوير المشهد، لكنها فور انتهائه أصيبت بحالة اختناق شديدة.

في ما يتعلق بالإشاعات التي تطلق عليها، تؤكد عبدالله أن أوانها انتهى، خصوصاً وأنها قطعت شوطاً كبيراً في مشوارها الفني. أحدثت تلك الإشاعات أثراً، مؤكدة أن بعض الصحافيين يطلقها على سبيل المداعبة، لكنها تترك أثراً سيئاً في نفوس الفنانين.

«فضّة قلبها أبيض»

تقدم عبدالله في رمضان الرّاهن مسلسل «فضة قلبها أبيض» عن قصة للكاتبة الشابة هبة مشاري حمادة, إخراج غافل فاضل.

بطلة المسلسل «فضة» امرأة في الخمسين من عمرها طيبة وحنون. تتعامل مع الآخرين بقلب أبيض ونية صافية, لكن المحيطين بها يتعاملون معها بنصب واحتيال وانتهازية وهي «يا غافلين لكم الله». يشارك في المسلسل عدد من الفنانين أبرزهم حسين المنصور, هدى حسين, لطيفة المجرن, اسمهان توفيق, خالد أمين, عبير أحمد وعواطف حلمي. كذلك تجسد دور الراوية الفنانة القديرة سميحة أيوب.

أوضحت عبدالله أنها تعاونت مع المخرج المنفّذ عامر فهد من سورية والمصور فؤاد سليمان من لبنان, واختارت العمل من بين أعمال عدة طرحت عليها, ويطغى في المسلسل عدد البنات مقارنة بالشباب.

كذلك أشارت إلى أن المسلسل يضع السلوكيات تحت المجهر ويسلط الضوء على العالم المسالم الوردي الخالي من المشكلات عبر «فضة» إنسانة على «نياتها» والكل يستغلها لأنها طيبة. قالت إننا نحرص على تقديم المسموح اجتماعياً لكن بشكل جيد, وعلى ضوء ذلك وقع الاختيار على المخرج غافل فاضل لأنه يدرك جيداً ما يريده المشاهد الخليجي.

من أعمالها

قدمت عبدالله أعمالاً فنية كثيرة كان لها دور بارز في إنجاحها وكان منها عدد كبير مع عبد الرضا مثل: «درس خصوصي»، أوبريت «بساط الفقر»، أوبريت «مداعبات قبل الزواج»، أوبريت «شهر العسل»، أوبريت «بعد العسل»، كما مثلت مع الفنانة حياة الفهد: «رقية وسبيكة»، «على الدنيا السلام»، «خالتي قماشة»، «سليمان الطيب»، «خرج ولم يعد»، «درس خصوصي»، ومسلسلات أخرى مثل: «القدر المحتوم»، «جادة 7»، «حكم البشر»، «الرحى»، « ياخوي»، «بعد الشتات»، «الشاهين»، و{دار الزمن».

أما المسرحيات التي شاركت فيها فمنها «اغنم زمانك»، «30 يوم حب»، «السدرة»، «قاضي إشبيلية»، «بغيتها طرب»، «حظها يكسر الصخر»، «عنده شهادة»، «الحاجز»، «الله ياالدنيا»، «عريس لبنت السلطان»، «الحامي والحرامي»، «علي جناح التبريزي»، «على هامان يافرعون»، «عزوبي السالمية»، وغيرها من المسرحيات.

الجوائز

كان لا بد لفنانة مزجت حياتها الفنية بأعمال من تأليفها عشقتها، وحملتها بالكثير من الحب والإتقان، إضافة إلى الرسائل الهادفة، من أن تنال إعجاب الكثيرين، وفي أولهم جمهورها الذي منحها ثقته وحبه وانتظاره ورضاه، وكان بالأحرى أن تنال عبدالله رضى النقاد والمهتمين بالحركة الفنية في الكويت والخليج.

حصلت «سندريللا الخليج» على جوائز عدة كأفضل ممثلة في مهرجان الخليج الأول والثاني والثالث، وعلى جائزة مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون 1996 و 2000، وفي مهرجان قرطاج المسرحي في تونس عام 1989 حصلت على جوائز عدة أيضا، وكتتويج لمجهودها الفني الزاخر بكل تلك الجوائز اختيرت عبد الله كسفيرة للنوايا الحسنة لمنطقة الخليج العربي عام 2003.

البعد عن حياة الفهد

الابتعاد عن صديقة عمرها ورفيقة دربها الفنانة القديرة حياة الفهد، ليس بسبب خلاف أو مشكلة، بقدر ما هو ابتعاد لقلة النصوص التي من الممكن أن تتحمّل قطبين من أقطاب الدراما الخليجية والكويتية، وليس من السهل مطلقًا أن يقدّما عملاً لمجرّد أن يقال أنهما التقتا. وتلك كارثة، خصوصا بعد تلك النجاحات الساحقة التي حققاها معا أو كل على حدة، ولا زالتا تحققان النجاح ورمضان الجاري خير دليل. ناهيك عن أن الشخصيات التي قدمتاها لا تزال عالقة في أذهان الملايين من محبي الفهد وعبد الله حتى الآن، ولا تزال حيّة ولن تموت، لأنها كانت فكرة جديدة ومختلفة، أما الآن فالساحة تفيض بالوجوه الجديدة من هنا وهناك، ولن يتكرر ثنائي مثلهما والأيام تثبت ذلك.