دلالات انتخابات 2009 البرلمانية كثيرة وذات علامات فارقة في الحياة السياسية الكويتية، سواء كان ذلك على الجماعات والتنظيمات أم على الرموز والشخصيات السياسية، ويقيناً فإن الرمز الوطني، ورئيس مجلس الأمة الأسبق، والنائب الحالي أحمد السعدون قد استوعب درساً مهما واستخلص عبراً من الانتخابات الأخيرة كان يعيها، لكنه كان يرفض الإقرار بها.
فنتائج الانتخابات السابقة والحالية تثبت بلاشك للعم «بوعبدالعزيز» أن «حدس» والسلف لم يكونا يوما حلفاء حقيقيين له، وهي حقيقة كان يعرفها السعدون عن «حدس» منذ انتخابات الرئاسة في عام 1999، ولكنه كان يراهن على أن «قرصة» قد تعيد لهم رشدهم، وحاول عن طريق ملاحقة التكتل الشعبي للوزير الأسبق عادل الصبيح ذلك لكن دون طائل، فتحالفات الإخوان المسلمين مع السلطة أثمن من أي شيء آخر، وموقف «حدس» الداعم للسعدون في 1992 و1996 كان لاعتبارات تتعلق بالمد الشعبي بعد دواوين الاثنين، ورغبة السلطة في حينه في وجود السعدون في البرلمان، وعلى سدة الرئاسة لاحتواء هذه الحالة، ولكن عندما تغيرت رغبتها تلك تغيرت معها قرارات «حدس» واختياراتها. ولم يكن موقف السلف مختلفا، فقد حصلوا على كل ما يريدونه من أحمد السعدون من تعيينات مهمة ومؤثرة في القرار في الأمانة العامة لمجلس الأمة، وتزكيته ودعمه لهم في مقارهم الانتخابية طوال العشرين سنة الماضية، مقابل إيهامهم له بأن أصواتهم هي السند والدعم له في دائرة الخالدية القديمة، ولكن في الانتخابات الماضية (2008) عندما توسعت الدوائر ظهرت الحقائق ونوايا السلف، فلم يكن تحالف الصانع والشايجي والعمير معنياً بالسعدون، ولا وليد الطبطبائي وفيصل المسلم كذلك، ولا يخالج أحداً شكٌّ بأن السلف كتنظيم سياسي لا يمكنهم أن يتملصوا أو يبتعدوا عن السّلطة وتفرعاتها، وأصحاب سطوة المال لأسباب بنيوية تتعلق بآلية عملهم وأنشطتهم في المجتمع التي تروج لهم وتدخلهم عالم السياسة. عودة أحمد السعدون إلى التيار الوطني التاريخي، هي عودة الابن الذي ضل طريقه إلى بيته، فهو انتماؤه الأصلي، وهو ابنه ونتاج طروحاته وأفكاره الممتدة من ثلاثينيات القرن الماضي، ولا يشكك أحد بأن السعدون يعرف أن الغاية التي من أجلها تمت تقوية «عود التيارات» الأصولية في الكويت وإبرازها كان لضرب هذا البيت وهدمه على رؤوس أصحابه! فكيف كان يتأمل السعدون عهد الأمان والولاء منهم؟! فأهلا وسهلا بالعم «بوعبدالعزيز» في بيته سالما معافى! بعد النتائج الباهرة التي حققها في انتخابات السبت الماضي ومضاعفته تقريبا الأصوات التي حصل عليها، وقفزته الكبيرة إلى المركز الثالث بعد عودته إلى بيته الحقيقي مع التيار المدني الوطني... فهو عَودٌ محمود نتمنى أن يدوم. *** برامج تحليل نتائج الانتخابات التي تعرض على بعض المحطات الفضائية الكويتية تصلح أن تكون برامج فكاهية للضحك والترفيه... فهي «سمك... لبن... تمر هندي» فكل من كتب له مقالتين أو ثلاثاً شهريا لمدة سنتين، أو نشر تحقيقا صحافيا فيه جدول وبعض الأرقام من الإنترنت، أو إحصاءات وزارة التخطيط، أو ينضوي في جماعة سياسية وهمية أصبح محللا «بوطير»، بل إنه يشطح «من زود الثقة» ليحلل سيكولوجية الناخب الكويتي!! الإعلام المحترم في العالم لا يقبل شخصا أن يتصدر شاشاته للتعليق على العملية الانتخابية ونتائجها دون أن يمتلك خبرة ميدانية عملية، وتدرجا في تغطية الشأن السياسي والبرلماني لا تقل عن عشرين عاماً تقريبا، كما أن القائمين على إعداد البرامج هناك يتحققون من تاريخ الضيف المهني بدقة لأيام قبل دعوته إلى أي برنامج، ولكن ماذا نقول فعندنا على حد قول الحكيم المصري «الحلمنتيشي»: «الرزق يحب الخفية... وخلي البلية تلعب». فالعملية بسيطة فهي دعوة اثنين من «رَبْع الديوانية» أو رفاق السهرات الملاح أو المطلوب تلميعهم لغرض ما! وأستديو بخط تلفون موصول به، وإضاءة... و«Action»... و«املى الهوا بكلام فارغ»! *** الرقم الذي حققه مرشح الدائرة الأولى ورئيس نادي السالمية عبدالله الطريجي رقم صعب في أول منافسة انتخابية له تثبت أن لديه طرحا موضوعيا ومؤثرا... وأنه منافس سيكون له مستقبل واعد في الدائرة. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
مقالات
أحمد السعدون... وعودة الابن الضال!
20-05-2009