انتهى الدرس... يا حدس!

نشر في 17-12-2008
آخر تحديث 17-12-2008 | 00:00
 سعد العجمي اليوم قررت الحركة الدستورية عدم المشاركة في الحكومة القادمة، وكأن «حدس» بإرثها السياسي والتاريخي بحاجة إلى تلك الفترة الطويلة لاكتشاف هذه الحقائق، التي كان يعرفها من هم، «سنة أولى سياسة».

قلنا في مقالات سابقة إن مشاركة القوى السياسية في الحكومات المتعاقبة ستأتي بنتائج عكسية على صعيد الرصيد الشعبي لتلك التيارات أو الكتل التي قبلت بالمنصب الوزراي، لأن سوء الأداء الحكومي بشكل عام سينعكس سلباً على أعوان الفريق الحكومي.

سبق أن ذكرت أن الحركة الدستورية هي المتضرر الأكبر من قبول المنصب الوزاري بعد أن باتت مشاركتها في الحكومة تشكل عبئاً ثقيلاً عليها كونها تخلت عن واجباتها الرقابية والتشريعية وشغلت نفسها ووقتها بالدفاع عن الحكومة وعن ممثلها الوزير محمد العليم، بل دخلت في معارك جانبية مع بعض الكتل الزميلة، وعدد من الصحف بسبب دفاعها المستميت عن السلطة التنفيذية، من دون مبرر في كثير من الأحيان.

انتقادنا لـ«حدس» آنذاك قابله هجوم علينا من قبل بعض الزملاء «الحدسيين»، وصل إلى حد «الشخصنة» والاتهام بالتصيد على الحركة والحقد عليها، وهو أمر لم يثرنا ويغضبنا لقناعتنا بأن الأيام والتجارب كفيلة بكشف الحقائق دون رتوش.

اليوم قررت الحركة الدستورية عدم المشاركة في الحكومة القادمة نظرا لـ«حالة التخبط والإخفاق الحكومي في التعامل مع العديد من الملفات المهمة والحيوية ولعدم القدرة على توفير الانسجام لتحقيق البرامج الإصلاحية»... حسبما جاء في بيان الحركة الذي صدر يوم أمس. وكأن «حدس» بإرثها السياسي والتاريخي بحاجة إلى تلك الفترة الطويلة لاكتشاف هذه الحقائق، التي كان يعرفها من هم «سنة أولى سياسة».

البعض يقول إن «حدس» اتخذت هذا القرار بعد أن حققت ما تريد من مكاسب ومنافع توافرت لها خلال مشاركتها في الحكومة، وآخرون يقولون إن «الحرج السياسي» الذي تعرضت له الحركة وملامح الانقسام الداخلي فيها، هما السببان الرئيسيان وراء هذا القرار.

أيا كانت الأسباب الحقيقية، فإن «حدس» اختارت الخيار الفضل، وهو ما نادينا به في السابق، فالحركة الدستورية أحد أهم اللاعبين المؤثرين في المشهد السياسي الكويتي، وعودتها كتيار سياسي رائد في الدفاع عن المال العام والمكتسبات الدستورية والشعبية، هو مانتمناه ونطمح إليه، خصوصا في ظل الحالة التي تمر بها الحياة الديمقراطية التي توشك أن تصبح أسوأ مرحلة سياسية تعيشها البلاد منذ التحرير.

فمثلما أشدنا بموقف الحركة من عملية تأجيل الاستجواب المقدم لرئيس الحكومة ومحاولة اللالتفاف على الدستور، فإننا نشيد أيضا بهذا القرار «الحدسي» الذي قد يعيد إلى الحركة توهجها من جديد. فهي- وإن اختلفنا معها في مرحلة ما وفي قضية ما- تبقى رقما صعبا في العملية السياسية، فهذه «حدس» التي نبحث عنها، وهذه «حدس» التي نريد.

back to top