الشعبي ... بين أصدقاء الأمس وخصوم اليوم!

نشر في 31-08-2008
آخر تحديث 31-08-2008 | 00:00
 سعد العجمي عندما نزل أعضاء التكتل الشعبي، مع زملائهم النواب إلى الشارع خلال أزمة تعديل الدوائر الانتخابية، وصفوهم وقتها بشركاء الإصلاح التشريعي، وحين شاركوا في استجواب رئيس الوزراء صفقوا وهللوا لهم، ويوم أن تصلبوا في موقفهم من التصريح الشهير لوزير النفط السابق الشيخ علي الجراح ورفضوا أن يمر مرور الكرام «دون حساب»، قالوا عن موقفهم ذاك، إنه يجسد الدور الرقابي لنواب الأمة الحقيقيين.

اليوم وعلى ضوء قضية المصفاة الرابعة، تبدل كل شيء في نظر حلفاء الأمس، فـ«الشعبي» في نظرهم بات معطلا للتنمية، ومفتعلا جيدا للأزمات، بل شريك فاعل في مخطط تعطيل الحياة الديمقراطية والانقضاض على الدستور... اليوم في نظرهم بات أحمد السعدون مصابا بـ«خرف سياسي»، وعليه أن يترجل، فيما «لوثة» من الحقد والكراهية قد أعمت بصر وبصيرة مسلم البراك، بعد أن كانت عقدة «الغني والفقير» قد دمرت ما تبقى من عقل مرزوق الحبيني... الله أكبر. لأن السعدون والبراك والحبيني فقط أصبحوا أعداء للدستور وللديمقراطية، الآن فقط بات «الشعبي» معطلا للتنمية عندما تعلق الأمر بالمصفاة الرابعة، وكأن هذا المشروع دون غيره سيجعل من الكويت منافسة شرسة «لنمور شرق آسيا» في سباق التنمية.

فـ«الشعبي» الذي «هندس» قانون شركة الاتصالات الثالثة، والمستودعات، وأملاك الدولة، وبنك جابر الإسلامي، والأراضي السكنية، وغيرها من القوانين، أصبح تكتلا موغلا في «الراديكالية السياسية» بعد موقفه من المصفاة ، وهو الاتهام الذي وُجه إليه إبان موقف أعضائه من مشروع شركة «أمانة» لتثبت الأيام أنهم كانوا على حق، وهو الأمر الذي ربما يتكرر في قضية المصفاة، لأن التاريخ يعيد نفسه في أحيان كثيرة.

أن تتفق كتل أو قوى سياسية حول عدد من القضايا، وتختلف حول أخرى، أمر طبيعي، بل وصحي أحيانا، فمساحات الاختلاف والاتفاق هي تكريس لواقع العمل السياسي وطبيعته، لكن المؤسف والمؤلم هي لغة «الإقصاء وتخوين الآخر» عند الاختلاف، وهو ما مورس ضد التكتل «الشعبي» في هذه القضية، والأكثر إيلاما أن تلك اللغة صدرت من محسوبين على قوى سياسية لم يعرف عنها «الفجر» في الخصومة، كما هي حال جماعات الردح السياسي التي باتت لدينا «خارج نطاق الشرهه»، لأن سقوط بناية تحت الإنشاء في حولي، لتلاعب المقاول في كميات الحديد والأسمنت خلال تشييدها، سيكون في نظر تلك الجماعات بسبب التكتل الشعبي، الذي بات شماعة لتخبط السلطتين التنفيذية والتشريعية وعجزهما عن إدارة البلد بعد أن نخر الفساد جسديهما بسبب فساد بعض أعضائهما.

الشعبي له موقف معروف من المصفاة، وقوى سياسية أخرى لها موقف مخالف، ما المشكلة؟ لنصفّي النوايا ويدافع كل فريق عما يراه صوابا، ولكن وفق إطار حرية التعبير حتى إن لامست الحد الأدنى من أخلاق الفرسان كأضعف الإيمان، بعد أن أصبحت «شخصنة» الخلافات، ولغة المصالح، سمة واقعنا السياسي، ففي كل أزمة يكون «الشعبي» طرفا فيها، يخرج علينا بعض النواب مهددين بكشف الدوافع الحقيقية والصفقات السياسية «المشبوهة»، لأعضاء التكتل، وحين تأتي ساعة «الجد» يبلع ذلك البعض لسانه، لأن الشعبي باختصار لا يجيد لغة المساومات كغيره، بل يقرنون الأقوال بالأفعال، وهو ما يجب أن يدركه رئيس الحكومة ووزيره محمد العليم، وعلى الأخير ألا يراهن على ما يروّج له بعض «أغبياء الصحافة» من أن مسلم البراك لن يشارك في استجوابه لدواع قبلّية، فالوزير يعلم أكثر من غيره أن مسلم قد صفع أولئك المراهنين أكثر من مرة، وهو- أي البراك- متشوق لتجربة جديدة يؤكد من خلالها أن الكويت وقسمه الدستوري في قاعة «عبدالله السالم» مقدمان على ما سواهما، بعد أن اثبتها سابقا بعدم خوضه للانتخابات القبيلة الفرعية.

على كل، «الشعبي» وأعضاؤه ليسوا ملائكة منزهين قد يخطئون وقد يصيبون، فنحن لا ننزه أحدا عن الخطأ، كما أن مشروع المصفاة قد يمر، وقد يعاد إلى لجنة المناقصات، وقد يستجوب بسببه أحد ما، وأي من هذه السيناريوهات يجب أن نحترمه ونتعامل معه، لكن هذه الأزمة أكدت ما قلناه سابقا، من أن قضايا الدفاع عن المال العام ماركة مسجلة باسم «الشعبي»، وأنه الوحيد الثابت على مواقفه، وغيره متحركون بحسب المصلحة، فمن كان يتوقع أن أصدقاء الأمس أصبحوا أعداء اليوم، والعكس صحيح؟!

back to top