يتم اليوم في العاصمة الاميركية تنصيب باراك اوباما، كأول رئيس اميركي من اصول إفريقية. وتفيد استطلاعات الرأي بأن 80 في المئة من الاميركيين ينظرون إلى تولي أوباما للرئاسة بايجابية. لكنه بالمقابل بدأ الحديث يتردد عن التكلفة العالية، الاعلى في تاريخ التنصيب الرئاسي، حيث من المتوقع ان يكلف اكثر من 150 مليون دولار حسب التقديرات، ومن المقرر ان تستقبل واشنطن اكثر من مليوني زائر للمشاركة في الحدث الكبير، وسيدخل العاصمة اكثر من عشرة آلاف حافلة، كما سينقل المترو اكثر من مليون شخص.

Ad

وتشرف على تنظيم الاحتفالات لجنة التنصيب، وتعتمد في عملها على التبرعات، حيث بلغت حتى الآن 41 مليون دولار وهي تعتمد بشكل اساسي على التبرعات الشخصية، فيسمح للشخص بالتبرع بـ 50000 دولار كحد اقصى، ولا تقبل التبرعات من الشركات او جماعات الضغط، كما تعتمد اللجنة في مواردها على بيع المواد الترويجية الخاصة بالحدث، وقد دفعت اللجنة الى متحف سمشونيان 700000 دولار لكي يفتح المتحف ابوابه لساعات متأخرة وما يعنيه ذلك من التعامل مع العدد الكبير من الزوار. ولم يتم الافصاح عن سعر الليموزين الكاديلاك ولا مواصفاتها والتي صممت مخصصا للحدث. ومن المقرر ان يتحمل دافع الضرائب ما بين 45 - 75 مليون دولار كمساهمة من ولايتي فرجينيا وميرلاند والعاصمة دي سي.

الحدث ضخم وغير مسبوق حتى بالمقاييس الاميركية، فتنصيب جورج بوش كلف 42.3 مليونا، اما كلينتون فكان 33 مليونا.

ولاشك في ان تكلفة بهذا الحجم في ظل ازمة مالية قد اثارت بعض الملاحظات والنقد.

لا اعرف كم هي تكلفة تنصيب الرؤساء او الملوك في العالم، فربما تكون اكثر من ذلك وربما اقل، بل ان الاحتفالات التي تتم احيانا في ذكرى تولي رئيس ما او الاحتفال بعيد ميلاده قد تكون اكثر من ذلك بكثير، خصوصا اذا كان من ذلك النوع من الرؤساء الذين تم تخليدهم «وكتموا على انفاس شعبهم».

الاهم من هذا وذاك ما سينجزه اوباما لاميركا وللعالم، فالعالم كله ينتظر الخطوات القادمة، ولعل العدوان الاسرائيلي الغاشم على غزة كان له علاقة بتولي اوباما الرئاسة، حيث اعلنت مصادر اسرائيلية ذلك. خطوات ايجابية ملحوظة بدأها اوباما مبكرا في اطار اغلاق غوانتانامو والاحتباس الحراري، وبحوث الخلايا الجذعية وغيرها مما وعد به. ويبقى الاختبار الاصعب هو ما سيتم بخصوص مأساة فلسطين، والدفع بقوة لرعاية وتثبيت حل عادل ودائم. فهل ينجح في هذا الاختبار؟

لست متفائلا على اي حال. ولئن كانت تكاليف احتفال تنصيب اوباما هي الاغلى في التاريخ الاميركي، فإنها لا شك ستكون مستحقة عندما يكون ما سيأتي بعدها بحجم تاريخية انتخابه، وينعكس ذلك على تعديلات جذرية في سياسة الولايات المتحدة في العالم عموما، وعلى الاخص منطقتنا المنكوبة، وللأسف انها آمال بعيدة المنال.