في زيارة خاطفة وسريعة لعاصمة الشرق الجميلة، رأيت الحياة تعود إلى مجاريها، فالناس فرحون، كعادتهم في حب الفرح... إلا أن نبرة قلق غريبة كانت تسود أجواء سكان بيروت بعد ما ذاقته من ويلات الصراعات.

Ad

في بيروت يسألك اللبنانيون اليوم «كيفها لبنان؟ بتحبوها؟ بتحبوا تزوروها؟»، وهي أسئلة لم أعتد أن توجه لي خلال زياراتي المتعددة لها، لكنه القلق الواضح لدى اللبنانيين بأن يتركها سياحها ومرتادوها إلى أماكن أكثر استقراراً. وكانت إجاباتي لهم ذاتها، «ما في أحلى من لبنان!»... وهي الحقيقة، فهي أجمل، ومفعمة بالحياة أكثر من دبي (هبّة الكويتيين)، وتبعد ساعتين فقط تكفي أن تقضيهما في قراءة الصحف حتى تحط قدماك فيها.

في بيروت، السماء زرقاء... وهو منظر لم يعد مألوفاً في الكويت... والحياة جميلة، كل له رأيه السياسي بحدة في النهار... ويسهرون جميعاً في الليل «ولا كإنو إشي صار». وفي بيروت ترى رجال الجيش كما لم ترهم من قبل، منتشرين في الأنحاء، يحاولون بشتى الطرق الحفاظ على حد من الأمن لتزدهر البلاد ويطمئن الزوار.

بيروت... دائماً «وِلعانة» ليلاً ونهاراً... في حانات الجميزة وفي شارع الحمراء... وإن رغبت في الهرب من «الشوب»، فلا تفصلك سوى دقائق عن أجواء الجبل العليلة.

في لبنان، تستطيع أن تتزحلق على الثلج في الصباح، وتسبح بالبحر بعدها بساعات... «ولا كإنو إشي صار».

سواء اختلفوا أم لم يختلفوا... اتفقوا أم لم يتفقوا.. تحاربوا أم لم يتحاربوا.. شكلوا الحكومة أم لم يشكلوها.. تظاهروا أم لم يتظاهروا.. حصلوا على الثلث المعطل أم لم يحصلوا عليه.. سهروا في «الوايت» أم في «سكاي» أو حتى في «نهر الفنون»... تبقى بيروت دائماً، وبأي شكل كان... «وِلعانة»!

***

استباقاً للقانون الذي قد يقره مجلس الأمة بتجريم الدعوة للحل غير الدستوري... وليس فقط الدعوة، بل حتى التلميح - كما جاء في القانون المقترح- فأنا، ومن هذا المنبر (الذي هو مكتبي)، أطالب بالحل غير الدستوري... عناداً.

كما قال عبداللطيف الدعيج، فنحن نأسف على حصر موضوع الدستور في مجلس الأمة... وكأن الديمقراطية صندوق انتخاب فقط... فليرحل مجلس الأمة إذا كان هذا تفكيره... وليرحل إذا كان يعتقد أنه سيمنعني من الدعوة إلى حله... بل ويمنعني من التفكير في أسلوب جديد للحياة السياسية بخلاف المجلس... إن الانقلاب على الدستور، كما يسمونه، لا ينحصر في مجلس الأمة... فالانقلاب على الدستور، هو في لجنة تدّعي محاربة الظواهر الدخيلة بشكل انتقائي إلا أن همها الأول والأخير عقد مؤتمر وطني لمناقشة الظواهر السلبية لتوزيع المكافآت والعطايا... والدروع.. و«يا حبنا للدروع» في هذا البلد. الانقلاب على الدستور هو مصادرة المادة (36) التي تكفل حقي في حرية الرأي لعيون المادة (51) التي تنص على وجود المجلس. الدستور كلٌ كامل.. افهموا!