أعطوا أصواتكم للشباب
أفسحوا المجال أمام الشباب، وسلموهم القياد في مجلس الأمة وفي مجلس الوزراء وفي الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها من القطاعات... لو فعلنا لأصبحت الكويت بخير، ولنفضت عن نفسها الغبار ودخلت عصر العلم والاتصالات والكمبيوتر والطب والتعليم الحديث في زمن وجيز.
انسجاماً مع قناعاتي بأن مستقبل هذا البلد يجب أن يرسمه شبابه، فقد قررت عدم المساهمة بأي نشاط في هذه الانتخابات. لقد تحدثت كثيراً في هذا الأمر وأجد من أحاديث الناس أن كثيرين أصبحوا على قناعة أن الشباب هم من يجب أن يصل إلى مجلس الأمة وأنهم من يجب أن يشرِّع للبلاد بناء على رؤيتهم ونظرتهم إلى المستقبل. فأنا وأبناء جيلي كنا صالحين لعصر ثورة يوليو في مصر وعصر الوحدة بين مصر وسورية ثم عصر استقلال الكويت وبناء الحياة الدستورية والبرلمانية، قد نكون عملنا شيئاً وقتها مهماً وجميلاً في قياس ذلك الزمان. لكننا الآن في عصر مختلف وعالم جديد وعلم يدركه الشباب ويدركون ما له وما عليه، ويعرفون قوانينه وشروطه والمبادئ التي تحكمه، ما يصعب على مَن كان من جيلي وثقافته أن يستفيد منه أو التعامل معه. ولقد كنت أتمنى، وقد طالبت بهذا بعد تحرير الكويت، أن يتنحى القادة الرسميون والشعبيون القدماء ويفتحوا الباب لدخول الشباب لتولي القيادة، ولكن للأسف فإن كثيراً من هذه القيادات لا يرى مَن يستطيع أن يحل محله ويظن أن البلاد ستغرق لو تولاها غيرهم، وهم لا يدركون أن البلاد تغرق بسببهم. وخيراً فعل الشباب حين سعوا إلى فرض إرادتهم خلال السنوات القليلة المقبلة، وأتمنى من كل قلبي أن يتحدوا كي يقدموا لمجلس الأمة نواباً أغلبيته منهم. حين أستمع للدكتورة أسيل العوضي مرشحة الدائرة الثالثة فأنا أتلقى حديثاً يأتي من القلب يلمس قضايا إنسانية وواقعية وتتحدث لغة العصر بلهجة شعبية ليس فيها لعب الساسة والمتبجحين المزايدين الباحثين عن الشهرة. الدكتورة أسيل العوضي هي نموذج لجيل الشباب والأمل الذي نتطلع إليه. إن أسيل العوضي وخالد الخالد وغيرهما من طلائع الشباب في كل المناطق يمنحونني أملاً في أن الدنيا بخير وأن الكويت محظوظة بهذا الجيل الصاعد.حين أدير موجات التلفزيون هذه الأيام تتكرر أمامي مشاهد الدجل السياسي والغش الاجتماعي والتظاهر بالإخلاص للبلد. صراخ وزعيق وبطولات يسجلها بعضهم من أجل كسب الأصوات والكل يبيع البضاعة نفسها وبالأسلوب نفسه. الكل يشتم بالحكومة والكل يرى الخلل في الأسرة حتى أولئك المحسوبون على الحكومة. وهم بذلك يعتقدون أن الناس تريد هذه البضاعة بينما الحقيقة أن الناس ملّت من كل هذا. الناس تريد أن تخطو البلاد إلى الأمام بعد أن سيطرت عليها قوى الظلام والمتمصلحين والمنتفعين لسنوات طويلة، الناس تريد طهراً ومعرفة وبساطة وتطلعاً إلى المستقبل وبحثاً عن مسار صحيح للبلاد بدلاً من الخناق المتواصل الذي لم يفد إلا المفسدين في البلاد. لقد أصبحت اللعبة مكشوفة منذ استولت قوى الظلام على مقدرات البلاد وتحالفت مع أصحاب النفوذ لتقاسم المغانم ثم انضم إليهم مثيرو الزوابع فشكلوا جداراً عالياً أمام التقدم وعادوا بالبلاد إلى الوراء.الطرح الذي يسعدني هو ما تقوله الدكتورة أسيل وزملاؤها الشباب المتعلم الواعي في الدوائر كلها، قالوا إن هؤلاء يفتقدون الخبرة والحنكة السياسية... وأقول لهم وهل كان في ما فعلنا ببلدنا حنكة سياسية؟ أفسحوا لهم المجال كي يصلوا، وسلموهم القياد في مجلس الأمة وفي مجلس الوزراء وفي الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني، وأعطوا فرصة لأبناء الأسرة الشباب ليتقدموا بدلاً من الكهول أو مَن ثبت فساده وجشعه. لو فعلنا... لأصبحت الكويت بخير ولنفضت عن نفسها الغبار ودخلت عصر العلم والاتصالات والكمبيوتر والطب والتعليم الحديث في زمن وجيز. إننا نعرف الماضي وبعض الحاضر أما هم فيعلمون الحاضر وطريق المستقبل... فافتحوا لهم الأبواب.