بغض النظر عما يسوّقه «بعض» النواب من تشكيك أو ادعاءات من حيث التوقيت أو الأهداف، حول الاستجواب الذي تقدمت به «حدس»، فإن للحركه الحق المطلق في استخدام أداة الاستجواب في الزمان والمكان اللذين تريدهما، وهو حق مطلق بموجب الدستور لا ينازعها عليه إلا من في قلبه مرض اسمه «الخوف» من حل المجلس، كما أن قضية تأجيل الاستجواب أو تحويله إلى اللجنة التشريعية، أو المحكمة الدستورية، أو سرية جلسة مناقشته، أمر مرفوض بكل المقاييس.

Ad

في المقابل، وعلى صعيد الجانب «التحليلي» للاستجواب، بدا واضحاً رداءة نوع مساحيق التجميل المتعلقة بالعمل السياسي المنهجي المنظم، والتي تصبغ بها «حدس» وجهها، بل إن أكذوبة ما تدّعيه الحركة بأن جميع قراراتها تُتَّخذ وفق آلية معينة عبر التصويت، قد انكشفت.

إن حدثاً سياسياً بحجم تحديد موعد يوم تقديم الاستجواب في النهج «الحدسي» المزعوم، من المفترض أن يكون من خلال مؤتمر صحافي أو بيان يعقب اجتماعا للمكتب السياسي، هكذا أزعجتنا الحركة دائماً بأسطوانتها المشروخة، وهي تتهم الآخرين بأنهم «أطفال» سياسة، عند الحديث عن تحديد المواقف من أي قضية مطروحة، إلا أن إعلانها موعد استجوابها عبر مداخلة هاتفية لنائبها جمعان الحربش في برنامج فضائي، يؤكد ما قلناه في مقال سابق من أن «حدس» تعيش مرحلة ترنح سياسي يثير الشفقة بعد انتقالها المفاجئ من معسكر المولاة إلى فريق المعارضة.

لقد ثبت بالدليل القاطع أن الحركة أُجبرت على تقديم موعد استجوابها تحسباً لأي طارئ، بعد أن تعرضت لـ«نيران صديقة» من النائب فيصل المسلم الذي أعلن استجوابه فجاءة، فاضطرت «حدس» أن تتشبث بمؤخرة «قطار» المسلم لإيصالها إلى محطة «أمانة المجلس» حاملة ملف استجوابها.

على كل ليست الحركة من يعيش مرحلة فقدان التوازن، فرموزها السياسيون نالهم من الحظ جانباً، خصوصاً عرّاب الحركة مبارك الدويلة، فالزميل الكاتب «أبو معاذ» كتب مقالاً قبل يومين اتهم فيه أحمد السعدون ومسلم البراك بأنهما ومن خلال معارضة «الشعبي» لقانون الإنقاذ المالي، في طريقهما لعقد ما أسماه الدويلة بـ«صفقة العصر».

ما صفقة العصر هذه؟ وما تفاصيلها؟ ومن هم شخوصها؟ اكشفها لنا إن كنت تمتلك الشجاعة، بل بحكم أمانة القلم الذي تكتب به، ومن باب الوطنية، ومن منطلق أنك مواطن مسلمٌ صالحٌ، واحتراماً لعقول قرائك، أناشدك وأتوسل إليك أن تكشف تفاصيلها لنا... أتحداك، أتحداك، أتحداك، أن تفعلها، وإن لم تفعل فاسمح لي بأن أقول لك «لم تكن صادقاً في ما قلت»، والحكم بيننا للقارئ، فلا تعزف مزاميرك النشاز علينا.

أما أنا فأقول للقراء الأعزاء، انظروا من يتكلم عن الصفقات، لو كانت جدران وغرف وزوايا وزارة الدفاع تتكلم، لكتبت المعلقات الشعرية عمن أبرموا صفقات سياسية هناك، عمَّ نتحدث؟ أو ماذا عسانا أن نقول؟ هل نتحدث عن تصعيد البعض ضد وزير الدفاع الراحل الشيخ سالم الصباح، ثم سكوتهم فجأة؟ أم نتكلم عن اجتماعات ليلية في ديوانية مشهورة وما تم فيها؟ أم نتحدث عن إفشاء أسماء ضباطٍ سربوا معلومات لهم ثم طُعنوا في ظهورهم من أجل المصلحة؟ عفواً... فعلى هؤلاء ألا يراهنوا على ضعف ذاكرة الشعب وألا يتحدثوا عن الصفقات.

على كلٍ يا أبا معاذ بعد أن فقدت مقعدك النيابي، نواب التكتل الشعبي الثلاثة الحاليين «سياسياً» ليسوا ملائكة، فهم مجتهدون يصيبون ويخطئون، ومنذ أن نجحوا للمرة الأولى مازالوا يحظون بثقة الشعب حتى اليوم، وهنا المحك، أما حديثك عن ذممهم المالية وصفقاتهم التي لا وجود لها إلا في خيالك، فندرك أنها محاولة منك لخلط الأوراق وتلويث عقول العامة والدهماء.

تُرى أيها الكاتب العزيز كم مليوناً دخل جيب أحمد السعدون عندما أوقف مشروع المصفاة الرابعة؟ وكم مثلها دخل حساب مسلّم بعد إلغاء صفقة «الداو»؟ وكم سيقبض الحبيني إذا أُقرت تعديلات «الشعبي» على قانون الإنقاذ المالي؟ على فكره يا أبا معاذ لم أسمع لك رأياً معلناً عن قانون الإنقاذ، هل أنت معه أم ضده أم أن الأمر لا يعنيك؟ أخشى أن تكون قد تحولت إلى حوت من الحيتان التي ذكرها مسلم البراك!