لسنا مغفلين أو حمقى لنصدق أن طلب تخصيص ساعة للحديث عما يثيره النواب من إشكالات في الجلسات والإكثار من نقاط النظام التي قدمت في جلسة المجلس الأسبوع الماضي، كان كما قال مقدموه، إنه «وليد اللحظة»، لتفعيل اللائحة الداخلية ووقف التجاوزات التي تضيع الوقت.

Ad

الأمر كان مبيّتاً، ودُبر في ليل، وتم وفق تنسيق بين بعض النواب، منهم الشامي ومنهم المغربي، جمعهم رغم اختلاف مشاربهم هدف واحد، هو الحسد، بعد أن صحوا على وقع مكاسب هائلة سياسياً وشعبياً حققها نواب «الشعبي» في الجلسة التي سبقت جلسة ساعتهم «السرية».

لن «نشره» على مهندس الطلب عدنان عبدالصمد، ليس لأنه لا يستحق «الشرهة» بل لأن «شرهاتنا» على «السيد» لا يمكن أن يكفيها مقال واحد، ولا يمكن لنا أن نعتب على مَن صوَّت مع سرية الجلسة لحرمان الشعب من متابعة نوابه، فلحظات كشف حساب الإخفاقات يريد أصحابها دائماً أن تكون بعيداً عن الأضواء، لكن انكشاف حادثة «المسج» المرسل من النائب خالد بن سلطان يجعله في نظرنا من ضمن المحرضين على تقديم الطلب، ومن ثم تحويل الجلسة إلى سرية أيضاً.

بعيداً عن تفاصيل ما دار في الجلسة، فإن تصريح النائب «الحقاني» ضيف الله بورمية، اختزل كل شيء، ووضع النقاط على الحروف، يقول بورمية: «الهدف كان إسكات مسلم البراك، وغيرة سياسية من قدرة «الشعبي» على فرض أجندته في الجلسة السابقة»- قبلة مني على خشمك يابورمية.

نعم تفرغ «الشعبي» لإعداد المقترحات ودراستها استعداداً لتقديمها، بينما انشغل السلف بإبرام الصفقات من تحت الطاولة مع الحكومة، غاص نواب الشعبي في صلب عملهم التشريعي كممثلين للأمة، بينما نواب السلف غارقون في لعبة المساومات والمقايضات العينية والمادية مع أكثر من جهة.

خالد بن عيسى نفى أي علاقة له برقم الهاتف الذي أرسل منه «المسج» التحريضي، على مسلم و«ربعه»، هذا شأنه، لكنني أؤكد أن رقم الهاتف الذي صدر منه «المسج» هو الرقم نفسه الذي يتلقى عليه النائب الكثير من مكالماته الهاتفية من الصحافيين وزملائه النواب، وبالتالي فإن «اللعب بات على المكشوف»، فلم يعد «للغبطة» موطئ قدم بعد أن أصبح الحسد والحقد السياسيين يملآن المكان والقلوب. (وقد «أقر» النائب بن عيسى في تصريح أدلى به للصحافيين بعد ختام جلسة أمس وقبيل طباعة هذا المقال، بأن «المسج» بصياغته المنشورة قد أرسل فعلياً من هاتفه الشخصي).

منذ أن «زأر» أحمد السعدون زأرته الشهيرة في بداية جلسة «اقتراحات الشعبي»، وأتبع ذلك بتكتيكات داخل القاعة أحرجت الكتل الأخرى وجعلت بعضها يركع صاغراً وينحني أمام عاصفة «الشعبي» خوفاً من نقمة الشارع، تغيرت المعادلة وخشي الجميع أن تسرقهم «سكينة» فورة «الشعبي» وإنجازاته وهم غافلون.

لذا تحركت بعض الكتل لضرب أعضاء «الشعبي» وتكميم أفواههم لأنهم أحرجوا الآخرين أمام قواعدهم، وهو ما فسره بعد ذلك، تأييد الكتل لزيادة الـ50 ديناراً أمس الأول، رغم أنهم صوّتوا ضدها في جلسة الأسبوع الماضي.

نعم لسنا مغفلين ولسنا سذّجاً، فما حدث كان لإسكات مسلم البراك، لأن صوته العالي بالحق دائماً، صم آذانهم وزلزل الأرض تحت أقدامهم... فاستمر يا «بوحمود» فلا فضل لأحد عليك، ولا دَين يطوّق عنقك، سوى لهذه الأمة ولهذا الشعب الحر الذي اختارك لتكون «ضميره» و«صوته» في زمن ماتت فيه أغلب الضمائر، وخفتت فيه أكثر الأصوات.