ما بعد هذه الاستقالة!

نشر في 10-03-2009
آخر تحديث 10-03-2009 | 00:00
 صالح القلاب رغم ان التأكيدات تقول إن امور المصالحة الفلسطينية- الفلسطينية ستسير وفقا لما تريده مصر ممثلة في رئيس استخباراتها عمر سليمان، وان جلسة الحوار التي من المفترض ان تنعقد في القاهرة ستكون خطوة متقدمة على طريق استعادة وفاق الفلسطينيين، فإن ردود فعل حركة حماس على استقالة رئيس وزراء السلطة الوطنية سلام فياض تدل على ان الود المفقود بينها وبين حركة فتح لا يزال قائما، وتدل بالتالي على انه قد يحدث بعض التقدم على هذا المسار تحت الضغط المصري، وتحت وهج موسم المصالحات العربية - العربية، لكن ما هو قائم الآن بين الحركتين سيبقى قائما، وان العلاقات ما بينهما ستكون في المستقبل اسوأ مما وصلت اليه في فترات سابقة.

كان رد حركة حماس على استقالة سلام فياض سيئا وتشكيكيا واتهاميا، مع ان المفترض ان يكون استقبالها لهذه الخطوة كاستقبال باقي الفصائل الفلسطينية التي اعتبرت هذه الاستقالة خطوة حسن نوايا لإنجاح اجتماع استئناف الحوار يوم الخميس المقبل، الذي من المقرر ان يهيئ لتشكيل حكومة الوفاق الوطني التي ستكون حكومة وحدة وطنية، وستحل محل الحكومتين القائمتين المتعاديتين حكومة غزة وحكومة رام الله.

ويبدو ان حركة حماس، التي جاء ردها على هذا النحو الغاضب والانفعالي، قد رأت في استقالة حكومة سلام فياض مجرد مناورة بارعة لدفع حكومة اسماعيل هنية الى الاستقالة بحجة التمهيد لتشكيل حكومة الوفاق الوطني، ثم بعد ذلك تحشر حركة المقاومة الاسلامية في الزاوية الحرجة، فإما توافق على كل شيء، وتقبل بالامر الواقع، وإلا فإنها ستكون مثل ذلك الذي بادر الى احراق رحل راحلته قبل ان يصطاد الارنب الذي توقع ان يكون شواء عشاء لذيذ له.

وبالطبع فإن محمود عباس (ابو مازن)، الذي لا يزال لم يطمئن الى ان حركة حماس صادقة في توجهاتها التصالحية، وانها قد تعيد الامور الى ما هو اكثر سوءا في اي لحظة من اللحظات، قد ترك الباب مفتوحا امام عودة سلام فياض إذا فشلت جلسة يوم الخميس المقبل التي وصفها عزام الاحمد، احد كبار المفاوضين نيابة عن حركة فتح والسلطة الوطنية، بأنها ستكون الجلسة الاخيرة ان هي فشلت في الاتفاق على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية المنشودة.

وحقيقة، وهذا يجب ان يقال كي لا يفاجأ الشعب الفلسطيني ويفاجأ العرب بانتكاسة محبطة، ان كل الدلائل تشير الى ان هذا الحوار الذي تجريه الفصائل الفلسطينية المتعددة ليس اكثر من مجرد انحناءة امام موجة المصالحات العربية - العربية، وانه اذا لم تستعد الدول العربية التضامن العربي المفقود فإن الانتكاسة الفلسطينية قادمة لا محالة، وان امور الفلسطينيين ستعود في هذا من سيئ إلى ما هو أسوأ منه.

كاتب وسياسي أردني

back to top