بعد زيارة خاطفة للعاصمة التركية اسطنبول، لا علاقة لها أبداً بمسلسل «نور»، بدأت اهتماماتي بالشأن التركي تزداد، خصوصاً مع زيادة التطورات على الساحة السياسية خلال الفترة الماضية، أو لنقل خلال السنوات الماضية، وما رافق ذلك من صراعات بشأن العلمانية ومبادئ أتاتورك والحنين إلى دولة الخلافة أو شيء «محافظ» يشبهها.
ومع الاهتمام المتزايد بشأن البلاد الملتبسة الهوية، شدني خبر قرأته عن تظاهرة نسائية على جسر غالاتا الشهير في اسطنبول تعترض على حكم محكمة تركية ضد امرأة كانت تصطاد السمك من فوق الجسر ذاته بملابس وجدها بعض الصيادين الرجال «فاضحة»، مما دعاهم إلى تقديم شكوى بحق المرأة في صيف العام الماضي. ويتابع الخبر الذي نشره موقع الـ«بي بي سي» أن المرأة كانت ترتدي لباساً خفيفاً أشبه بلباس سهرة تلعب به نسمات الهواء، وقد حكمت المحكمة على المرأة بالسجن خمسة أشهر مع وقف التنفيذ (ولا أفهم حقيقة ما معنى ذلك... شلون يعني وقف التنفيذ، لماذا الحكم إذن؟). غير أن المهم في الحكاية أن المحكمة قد حكمت ضد المرأة. ويكمل الخبر أن رجالاً قد وُجِّهت إليهم اتهامات خلال احتفالات رأس السنة في المدينة ذاتها بالتعدي على نساء باللمس في ساحة تقسيم وسط المدينة تم تغريمهم 57 ليرة تركية (أي ما يعادل 45 دولاراً.. أو 12 ديناراً وربع الدينار بالضبط... فقط!). المتظاهرات أطلقن صرخة حول مَن يتحكم بحرية المرأة، متسائلات: «مَن يحدد ما المناسب وغير المناسب في اللباس؟ وعلى أي أساس؟»، وهي أسئلة وجيهة ومألوفة لنا ككويتيين خصوصاً خلال الفترة الماضية، فمَن يحدد الظواهر السلبية وعلى أي أساس؟ من المؤسف أن نكون كمجتمعات شرق أوسطية نفكر حتى الآن في أسئلة من المفترض أنها قد حسمت منذ زمن مع تطور هذه المجتمعات، بل الأدهى أن يكون العنصر الذكوري عادة هو الحاسم في الإجابة عن هذه الأسئلة... ولا أستثني نفسي من هذه المشكلة، لكني أود أن ألقي باللائمة على المجتمع بدلا من إلقائها على نفسي.يبقى أن نقول إن الصيادين الرجال أبدوا اعتراضهم على حكم المحكمة، منتقدين مقدمي الشكوى بحقها... والأسباب في انتقادهم مجهولة، فأنا شخصياً أشك في دوافع رجال «مجابلين» البحر 24 ساعة في موضوع يتضمن امرأة جميلة بملابس خفيفة يلعب بها الهواء!***أخي المواطن: أسئلة مشروعة نطرحها يومياً من دون أن نكترث بمعرفة إجاباتها... فلنطرحها معاً بصوت عال: هل فعلاً تعتقد لجنة دراسة الظواهر الدخيلة على المجتمع الكويتي أننا نعيش في المدينة الفاضلة، وأن الشعب الكويتي محافظ... «بطبيعته»؟إذا كانت الإجابة بالإيجاب، فلماذا نرى «قواطي» البيرة (الجِعَة بالفصحى) «محذفة» على الشواطئ؟... «هذي بعد ما اتكسر!».
مقالات
البيرة الكويتية... والمجتمع الذكوري في تركيا
07-07-2008