ليس مهماً معرفة ما دار في كواليس اجتماع وزراء الخارجية، وما قيل عن إصرار قطر تضمين البيان الختامي قرارات اجتماع الدوحة التشاوري، واعتراض السعودية ومصر على ذلك، لكن الأهم بالنسبة لنا ككويتيين أن القمة نجحت بكل المقاييس بالنظر إلى مساحات الخلاف التي عقدت في ظلها.

Ad

سبع دقائق وثلاث وعشرون ثانية المدة الزمنية التي استغرقتها كلمة العاهل السعودي الملك عبدالله خلال القمة العربية «الأصلية» التي استضافتها الكويت، لكنها كلمة وعلى قصرها، قلبت الطاولة، وأعادت رسم خارطة طريق عربية جديدة ولو لجهة المصارحة والمكاشفة وجلد الذات التي غابت طويلا عن خطابات الزعماء العرب.

مع أجواء الاحتقان والتوتر التي سبقت يوم القمة بسبب بعض الاجتماعات الرئاسية هنا وهناك، ومحاولات البعض لعب أدوار أكبر من أحجامه، إضافة إلى الشحن الإعلامي، توقع كثيرون أن تنفجر الأوضاع عند الافتتاح بين «الأضداد» العرب، لكن مضامين خطاب العاهل السعودي ودعوته إلى المصالحة ونسيان الخلافات المفاجئة، خلطت الأوراق وأحدثت نوعاً من الإرباك في ما يتعلق بالنوايا المبيتة التي جاء بعض الزعماء إلى القمة وهو يحملها.

حسب فهمي الخاص، واضح أن الجانبين السوري والقطري قد فوجئا بالكلمة السعودية التي وضعتهما تحت ضغط كبير، فاتجها إلى جناح الملك عبدالله حيث تم اللقاء وانتهى، والأجواء كلها كانت تشير إلى أن كل شيء على ما يرام، وأن العمل العربي المشترك دخل مرحلة جديدة.

أقول، وحسب تحليلي الشخصي، إن الرئيس السوري وأمير قطر، شعرا لاحقا بأنهما استُدرجا إلى المربع الذي يريده السعوديون والمصريون، فباتا في وضع محرج لاحقاً، لذا- ولأن العقلية العربية لا تقبل التنازل عندما يتعلق الأمر بعربي آخر- فقد أوكلا مهمة إعادة نصاب الأمور إلى ما كانت عليه في السابق إلى وزيري الخارجية في بلديهما خلال اجتماع وزراء الخارجية لإعداد الصيغة النهائية للبيان الختامي، فبدا الخلاف واضحاً بين المحورين، وهو ما كاد أن يشوش على القمة ويفسدها.

على كلٍّ، ليس مهماً معرفة ما دار في كواليس اجتماع وزراء الخارجية، وما قيل عن إصرار قطر تضمين البيان الختامي قرارات اجتماع الدوحة التشاوري، واعتراض السعودية ومصر على ذلك، وما قيل كذلك عن التباين في وجهات النظر حول آليات إيصال المساعدات المالية إلى غزة، ومن يستلم أموال صندوق إعمار القطاع، فهي نقاط ندرك أنها كانت وستكون محل خلاف حتى قبل انعقاد القمة.

الأهم بالنسبة لنا ككويتيين أن القمة نجحت بكل المقاييس بالنظر إلى مساحات الخلاف التي عقدت في ظلها، كل ذلك بفضل جهود صاحب السمو الأمير، حفظه الله، ودوره الكبير في تقريب وجهات النظر بين أشقائه العرب، وبدبلوماسيته التي لا يمارسها أمام المايكرفونات وتحت أضواء الفضائيات كما يفعل البعض، بل في تلك الغرف المغلقة التي عندما يتحدث فيها الزعماء كالشيخ صباح والملك فهد ينصت ويصمت الجميع، فللنوائب رجالها وللأمة قادتها.

* * *

تهنئه خاصة إلى وزير الخارجية الشيخ محمد الصباح بنجاح القمة التي قال إنها قمة الإنسان العربي البسيط لتطوير تعليمه ورعاية صحته وتحسين معيشته، وقد كانت كما أراد، إضافة إلى نجاحها السياسي الذي ربما أغضب البعض ، فعلى نياتكم ترزقون يا «بو صباح».