كان التلفزيون نجم الانتخابات الأول، ونجح في تحسين وتلميع صورة بعض المرشحين المقتدرين، الذين صرفوا أموالا طائلة في سبيل النجاح، منهم من استفاد ووصل إلى مجلس الأمة، ومنهم من «عوضه على الله»، فقد ذهبت أمواله هباء منثورا، إلا أن المستفيد الأكبر كان بلا شك، ملاك القنوات التلفزيونية، حيث عاشوا موسما ناجحا لن يتكرر، فـ«مصائب قوم يا سيدي عند قوم فوائد»، و«كل سنة والمجلس في حل»!

Ad

لكن الحقيقة أننا جميعا كمشاهدين، استفدنا من البرامج الانتخابية التي تابعناها على شاشة التلفزيون، وأظنها ساهمت في رفع مستوى الوعي السياسي للناخب، وإن لم تأت نتائج الانتخابات متوافقة مع هذا الظن، لأن الذي ارتفع عند الكثيرين هو مستوى الضغط والسكر!

ما علينا، المهم أنه تمت استضافة العديد من النواب والكتاب والمحللين السياسيين في تلك البرامج، ووجدت شخصيا متعة كبيرة في متابعتها، ولم يكن يقطع علي استمتاعي بالمشاهدة، سوى بعض الأسئلة المتكررة من بعض الأصدقاء، مثل «يعني شنو حكومة ثيوقراطيه؟! يعني شنو حكومة تكنوقراطيه؟!»... وهلم جرا. فالإخوة الكتّاب والمحللون -هداهم الله- لا ينتبهون أن 80% من المشاهدين، لا يدركون معاني هذه المصطلحات السياسية، وأنها ليست سوى ألغاز وطلاسم غير مفهومة، ولذلك، ومن منطلق وطني، وبعد التوكل على الله، قررت أن أحل لهم بعض هذه الألغاز والطلاسم، من خلال هذا المقال، وبما أننا في حالة ترقب للتشكيل الوزاري الجديد، فسأبدأ بالإجابة عن الأسئلة التي تخص أنواع الحكومات:

• يعني شنو حكومة «ثيوقراطية»؟

يعني حكومة «مطاوعة»، كل أعضائها «حدسيون» أو «سلفيون» أو «تحالف إسلامي»! وحكومة كهذه، حكومة «إنجازات» بلا شك، والمواطن يعيش في كنفها سعيدا فرحا «مستانسا»، فحكومتهم ستبذل جهدها للاستفادة من التجارب الإسلامية الناجحة جدا، لدول رائدة بهذا المجال كأفغانستان وإيران والسودان، حيث ستوضع الضوابط الشرعية، وتنشئ هيئة للحسبة، وتمنع الحفلات، ويخصص يوم رجالي للتسوق وآخر نسائي، وستلغى من المدارس المواد «التافهة» كالرسم والموسيقى والألعاب، ويفرض الحجاب على طالبات الابتدائي، وتغلق محال الكاسيت والفيديو والصالونات النسائية، ويلغى السلام الوطني، وسيرتدي لاعبو المنتخب «الشورت» الإسلامي، وتطلق اللحى، ويفرض النقاب، ويخصص نصف ميزانية الدولة لتمويل المجاهدين في «حزب الله» و«حماس» و«القاعدة»، وستسعى الحكومة جاهدة لصنع قنبلة نووية... ألم أقل إنها حكومة إنجاز!

اطمئنوا... فلا أظن أن حكومة «ثيوقراطية» ستتولى أمرنا، لكن المؤكد، أننا اخترنا- وبكامل قوانا العقلية- مجلس أمة «شبه ثيوقراطي» لأربع سنوات قادمة!

• حكومة «تكنوقراطية»؟

يعنى أن تسلم وزارة الصحة لطبيب، والإسكان لمهندس، والتربية لأستاذ، وهكذا، شريطة ألا ينتمي أي أحد منهم إلى حزب ما، وهو أمر مستحيل في أي دولة ديموقراطية في العالم، لكن من الممكن حدوثه في دولتين فقط، هما «جزر الواق واق» والكويت، فلأننا بلا أحزاب مشهرة، سيكون من السهل تكوين حكومة «تكنوقراطية»، وإن كنت لا أظن أن هناك «إنسانا طبيعيا» لا ينتمي إلى تيار أو تكتل معين، على الأقل فكريا أو عاطفيا!

• ... حكومة «أوتوقراطية»؟

يعني حكومة الشخص الواحد، حكومة «أنا وبس... والباقي خس»، حكومة يصنع فيها رئيس الحكومة أو الحزب الحاكم ما يشاء، وباقي الوزراء «زينة»، «لا يهشوا ولا ينشوا»، ولا دور لهم في رسم السياسات العامة للدولة، والدول العربية متخصصة بهذا النوع من الحكومات!

• ...حكومة «محاصصة»؟

يعني أن تحضر «تورتة»، وسكينا، وميزانا، ثم تأتي بوائل ومطلق ومعاذ وغلوم وعباس، وتطلب من كل منهم أن يقف على الميزان، ثم تعطي كل واحد منهم حصته من «التورتة» بحسب وزنه، وبالتمام والكمال، السمين يأخذ قطعة كبيرة، والضعيف يأخذ قطعة صغيرة، وقد تكون «غير حقاني» و«تكشت» بالسمين، فتعطيه أصغر قطعة، وتجامل الضعيف ليأخذ أكبرها، هذه «التورتة» هي المناصب الوزارية، وهذه الطريقة هي المحاصصة التي أثبتت فشلها، فهل نتوب عنها؟!

• ... حكومة «الظل»؟

يعني حكومة الضعفاء، حكومة «الريموت كنترول»، يمسك به أحدهم عن بعد، ويدير الأمور كما يشتهي ويريد، يقولون والله أعلم، إن هذا الأمر قد حدث من قبل، وإنه قد يتكرر... يقولون!