هناك فرق كبير بين أن يكون لي تحليل خاص ونظرة «سياسية» قد أختلف فيها عن غيري لما يجري في غزة من حيث أسبابه وتاريخه ومآلاته ونتائجه، وبين أن يقودني هذا التحليل والاستنتاج أيا كان إلى القفز في الخانة التي تقف ضد الصمود الغزاوي في وجه الآلة الصهيونية، تحت ذريعة أني وجدت أن «حماس» تتحمل مسؤولية ما يحدث.
قبل وبعد وخلال كل شيء، سيبقى لأهل غزة علينا نحن العرب والمسلمين واجب النصرة بكل ما نستطيعه وفق طاقاتنا ومساحات قدرتنا ماديا ومعنويا، ولهم علينا قبلها الدعاء والصلاة لهم بالنصر والثبات والصمود وأن يتقبل الله شهداءهم وأن يشافي جرحاهم وأن يرد عنهم كيد من عاداهم.مأساة أهل غزة، التي لم تفرق بين كبير وصغير ورجل وامرأة وعسكري ومدني وحمساوي وغيره، مأساة وكارثة بلغت من الحجم ما يجعلها تستدر التعاطف الإنساني الصرف ناهيك عن أي تعاطف يأتي من باب النصرة الشرعية أو القومية، لذلك فإن كانت شعوب العالم من شرقه إلى غربه، بثقافاته ودياناته المختلفة قد رفضت واستنكرت وطالبت بإيقاف هذه الآلة الصهيونية الباطشة، لأنها أدركت أنها خارجة عن دائرة كل تبرير «عقلي» يمكن لإسرائيل أن تحتج به أمام العالم، فعيب كبير على بعضنا نحن العرب أن ينجرف بسفسطائية تحت تأثير فكرة أن «حماس» هي من أدخلت نفسها ومعها شعب غزة في هذه المحرقة والمعركة غير المتكافئة، ليصير مستغرقا في توجيه التوبيخ والتقريع لـ«حماس» وللمقاومة في غزة، ولعله يصل إلى ما هو أبعد من ذلك!أنا ممن كتبوا ولأكثر من مرة عن أن «حماس» ستجد نفسها في مأزق حرج وصعب أمام إسرائيل والغرب من بعد تسلمها للسلطة، في ظل وجود الخذلان العربي والشقاق الفلسطيني، لكنني ما كنت لأقف اليوم موقف المنتشي بثبات صحة تحليلاته، أو المخذل لـ«حماس» والعياذ بالله في معركتها غير المتكافئة وهي تواجه الصهاينة.وحين كتبت مقالي الأخير الذي قد لا يكون راق للبعض، فقد انطلقت من باب النصيحة الصادقة للقيادة «الحمساوية» بأهمية حسم الحسابات السياسية المقيدة اليوم بالواقع العسكري، لمعرفة من أين يمكن أن تأتي النصرة، وما حجمها ومدى صدق من يقولون بها، لأنه ليس أكثر من الكلام والشعارات والهتافات، وليس أقل من الدعم الحقيقي على أرض الواقع.خالص دعائنا لأهلنا أهل غزة بأن يفك الله عنهم مصابهم، وأن يرد عنهم كيد عدوهم، وأن ينصرهم إنه ولي ذلك والقادر عليه.
مقالات
اللهم انصر حماس!
06-01-2009