* أسهبت الصحف في وصف كيف شب الحريق في قاعة الأفراح في محافظة الجهراء، وكيف كان رد فعل النساء اللواتي كنّ في العرس، إلى آخر تفاصيل الواقعة المفجعة.

Ad

ومع أهمية معرفة كيفية وقوع الحادثة المأساوية، إلا أن الأهم هو السؤال: لماذا وليس كيف؟! نعم، لماذا شبت النار في الصالة المحتشدة بحوالي ألف من المدعوات للفرح؟! ذلكم هو السؤال (بالإذن من الخواجه شكسبير) لماذا؟! ومع أن السؤال «لماذا» هو الحري به أن يطرح بداية، لكنه عادة لا يطرح! وإذا تمت دحرجته فإنها تحدث على استحياء بقصد دفع التهمة عن الجهة المعنية ببلية الحريق والمسؤولة عنها، وكأن حضوره لمجرد إبراء الذمة، وذر الرماد في عيون الحاضرات في صالة الأفراح، وعيون أهلهن وأصدقائهن.

* وقد ضحكت وقهقهت كثيراً حتى بانت نواجذي، كما يقولون، حين قرأت أن نائبا طالب باستقالة وزير الصحة لزعمه بأن الوزارة مسؤولة عن الحريق وتبعاته المأساوية المؤسفة، وفات حضرة النائب أننا في دولة الكويت وضواحيها ليس من مألوف «عاداتنا وتقاليدنا» إياها أن يبادر معالي الوزير بالاستقالة، كما يحدث في اليابان، وفي بلاد تركب الأفيال، وغيرهما من الدول العريقة الراسخة في التجربة الديمقراطية! كما يخبر ذلك عامة القراء، إثر كل بلية تحدث في فضاء العالم الموسوم حركياً باسم: العالم الأول! ولا أعرف لم تعامل وزير الصحة العامة مع الحريق بطريقة كاد المريب أن يقول خذوني! ذلك أنه استبق الأحداث والتحقيقات وبادر بنفي مسؤولية الوزارة عن الحريق، وما تمخض عنه من وفيات وحالات اختناق وصدمة عصبية وغيرها من الأضرار المادية والنفسية والاجتماعية. ولأن وزير الصحة كويتي قح وصرف، ولا يمت إلى «بني يابان» عرقيا، فلن يستقيل مطلقاً، لكنه قد يستقال، حسب القاعدة الوطنية السائدة!

* والطريف، إن كان في المسألة طرافة، أن القيمين على وزارة الصحة، والإدارة العامة للإطفاء (فرع الجهراء) أنحوا باللائمة على الحاضرات في صالة الأفراح، بدعوى أن هلعهن أدى إلى تزاحمهن وتكالبهن على أبواب الخروج، ومن ثم إلى وقوع حالات الإغماء والاختناق وغيرها من الإصابات التي احتضنتها ثلاثة مستشفيات. ومن هنا لا تعجب أبدا إذا قالت التحقيقات بأن سبب الحريق: ماس كهربائي، أو خلل فني قد يحملان ثأراً بايتا لمحافظة الجهراء المنكوبة! وكأن الماس والخلل لا يحيلان إلى الإهمال والفساد واللامبالاة، ويدلان على مسؤولية بشرية مستترة! ولو كنت مصدراً مسؤولا بحق، لتأسيت بمصر المحروسة في هذا السياق، ونسبت الحريق إلى ضب جهراوي نزق عبث بالأسلاك الكهربائية، كما كان يفعل «فأر السبتية» في قاهرة الستينيات، المتهم دوماً بأنه يقف وراء انقطاع التيار في محطة كهرباء محطة السبيتة القاهرية!!

وهكذا بين فأر «السبتية» والضب الجهراوي الظلامي الأحمق تطمس الحقيقة، ويسجل الحادث ضد مجهول! ما لم تعلن «القاعدة» عن مسؤوليتها عنه! أما «الاستثناء» الذي لا يحدث أبدا فهو: اعتراف المخطئ وتحمله لجريرة فعلته النكراء!