تجري أحداث هذه المسرحية المعتادة كل عام: عمال يُضرِبون لتحسين ظروفهم، فيُرحَّل بعضهم كنوع من التبرير بأن الحلول موجودة عبر الترحيل والتعامل الأمني مع مسألة تنموية بحتة!.أول العمود: الأعطاب تصيب الكهرباء، والمنشآت النفطية، والتردي دهور التعليم والصحة والنظافة العامة في الشوارع... أهذا كله يحدث في بلد صغير جدا؟
***
أكتب هذا الرأي عن إضراب العمالة البنغلاديشية وأنا أقضي إجازتي الصيفية في بلجيكا، إذ أتعامل بشكل يومي تقريبا مع صاحب «سوبر ماركت» بنغلاديشي مهذب يتقن الفرنسية وقليلا من الإنكليزية، ويدير متجره وحده من دون مساعدة من أحد، ومن دون عمالة «ولا هم يحزنون»، فالبلجيكيون لا يتاجرون بالإقامات.
ويلاحظ كل مَن يسافر إلى مثل هذه البلدان الراقية أنه، على سبيل المثال، لا توجد غير امراة أو اثنتين تديران محلات «السوبر ماركت»، ومحطات البنزين لا يوجد فيها إلا موظف واحد. في حين لا يوجد أي تفسير لكثرة العمالة الموجودة خلف «كاشيرية» جمعياتنا، ومطارنا الوحيد، ومحطات البنزين التي جرى تخصيص أغلبها أخيراً، إلا بوجود تجار إقامات تتساهل معهم الحكومة.
وتجري أحداث هذه المسرحية المعتادة كل عام: عمال يُضرِبون لتحسين ظروفهم، فيُرحَّل بعضهم كنوع من التبرير بأن الحلول موجودة عبر الترحيل والتعامل الأمني مع مسألة تنموية بحتة!.
تصريحات المسؤولين الحكوميين، خصوصا في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل «تعجن» في موضوع أتابعه منذ ثمانية عشر عاما، وهو نظام الكفيل، وتتكرر مقولة «إن الوزارة تدرس البدائل»، لذا من الضروري إيجاد بدائل له، إذ إنه دليل فساد يجب استئصاله لأنه المتسبب الرئيسي في الاساءة للكويت في أكثر من تقرير دولي وآخرها تقرير الاتجار بالبشر الأميركي.
وهناك مسؤولون في الدولة يمارسون النفاق بقولهم، إنهم يعارضون أي تدخل في شؤون الكويت المحلية من قبل هذه المنظمات الدولية، وبعضهم يمارس الاتجار بالاقامات، أو يسهّلون القيام بهذا العمل الدنيء ويستفيدون منه مادياً. وإلا كيف تستمر مشكلة عمرها أكثر من عشرين سنة من دون وضع حل يحترم آدمية الإنسان بإعطائه أجره في وقت معلوم؟!
تجار الاقامات صنيعة الحكومات السابقة والحالية عبر التساهل معهم، واستقدام العمالة يتطلب حلا من زاويتين: الأولى، تحديد العدد المطلوب للمشاريع. والثانية، تحديد جهة حكومية مستقلة تتولى عملية الاستقدام.
يجب الاعتراف- ونحن نتحدث عن ملف العمالة- بالفشل الذريع الذي سجلته وزارات الداخلية والعمل والتجارة، وكذا لجنة المناقصات المركزية، لعجزها عن وضع حل لمشكلة مستمرة تضر الكويت بسبب مسؤولين متقاعسين عن القيام بواجبهم الذي يتقاضون عليه رواتب وبدلات ومكافآت سنوية!.