وصفة لحياة مليئة بالسعادة والحب!

نشر في 23-10-2008
آخر تحديث 23-10-2008 | 00:00
 د. ساجد العبدلي سيبقى هذا العصر، الذي يستحق بجدارة أن نطلق عليه «عصر التوتر والقلق»، مليئا بالتحديات في كل مكان، في العمل وفي البيت وحتى في الشارع بينهما! لذلك فلا مهرب للإنسان إلا بتقوية نفسه من الداخل وتعزيز مناعتها.

هذا الموضوع كنت كتبت فيه من قبل، لكنه من الموضوعات المفيدة الصالحة للتناول مجددا مرات ومرات. عصرنا الحالي هذا العصر المتسارع، وأعني المتسارع في كل شيء؛

في الأحداث السياسية... بلدان تحتل وتستقل، ورؤساء يرتفعون ويسقطون؛

وفي الاقتصاد؛ وعلى صعيد الربح والخسارة... شركات ترتفع ثم تهوي بسرعة البرق؛

وتسارع في العلاقات الاجتماعية، أناس ترتبط وتنفصل في أيام معدودة؛

وهو كذلك عصر التقدم التقني؛ التقدم في تقنيات الخير وتقنيات الشر، فهناك تقنية الكمبيوتر والإنترنت والدواء، لعمران الدنيا وإسعاد أهلها، وأيضا تقنية الأسلحة والسموم، لتخريبها وإهلاك أهلها؛

وهو عصر الإعلام الصاروخي الخارق، حيث لا حدود رغم آلاف الحدود ولا حواجز رغم آلاف الحواجز!

لكن أسماء العصر جميعها، وإن اختلفت وتنوعت، تقود في النهاية إلى الاسم الجامع الذي نصل إليه من كل ما سبق، عصر اليوم هو دون شك «عصر التوتر والقلق النفسي» للناس جميعهم! وإن ظن البعض أنهم في معزل عن هذا فهم مخطئون.

القلق النفسي بحسب التعريف الطبي، هو رد فعل الجسم البشري مع أي تغيرات تحصل في البيئة من حوله «أو داخله»، وقلت تغيرات ولم أقل أحداثاً سلبية، لأن من المهم أن ندرك أن التغيرات التي تسبب القلق النفسي ليست مقصورة على السلبية منها كمصاعب العمل أو فقدان قريب، أو ما شابه، بل حتى التغيرات الإيجابية تسببه، فالترقية الوظيفية تسببه، والمسكن الجديد يسببه، والاستعداد للسفر، وحتى الزواج يسببه، هذه التغيرات كلها تشكل ضغطا كبيرا على نفس الإنسان حتى إن لم يدرك ذلك، وهي جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان الذي يعيش في هذا العصر.

هذا الإدراك، هو المفتاح السحري للتعامل الناجح مع القلق النفسي، من المهم أن ندرك أنه لا يمكن أن يتخلص الإنسان من القلق مادام يعيش في هذا العصر، لأنه مهما فعلنا سنبقى مطاردين بأخبار الحروب والدمار عبر الصحف والتلفاز والإذاعة والإنترنت، كما أن العصر سيبقى مليئا بالتحديات في كل مكان، في العمل وفي البيت وحتى في الشارع بينهما! لذلك فلا مهرب للإنسان إلا بتقوية نفسه من الداخل وتعزيز مناعتها.

يمكن ذلك من خلال استراتيجيتين متلازمتين: الأولى، تتمثل في أن يسعى إلى أن يفصل ما بين مصادر القلق، فلا يحمل معه ضغوط العمل إلى البيت، أو العكس، ولا يسمح لأي من المصدرين بالاستيلاء على حقه في الحصول على قسط كاف من النوم، حياة الإنسان تنقسم إلى ثلاثة أثلاث، ثلث في العمل وثلث خارجه (في البيت وأنشطته الأخرى) وثلث في النوم، والتوازن مهم وحيوي بين هذه الأثلاث، وحينما يختل فسيصبح الإنسان مكشوفا أمام سياط الضغط النفسي، هذه الاستراتيجية ليست سهلة لكنها أيضا ليست مستحيلة ويمكنها أن تتحقق بالتمرين والممارسة.

الاستراتيجية الثانية، هي أن يجعل الإنسان فيما بين تلك الأثلاث الثلاثة من حياته فترات يقضيها في أنشطة تدخل الراحة على نفسه. رياضة معينة، أو هواية ما (مهما بدت سخيفة للآخرين)، ويمكن كذلك أن يقضي تلك الفترات في مجرد الاسترخاء التام والتأمل، وأعرف أن هذا قد يبدو غريبا بعض الشيء، لكنه مفيد جدا فالبحوث والتجارب أثبتت أنه يعيد إلى النفس الكثير من توازنها.

تمنياتي للجميع بصحة نفسية جيدة، وحياة مليئة بالسعادة والفرح والحب!

back to top