في ضوء ما يجري في العراق الآن فإنه لابد من التذكير بما كان قد قيل سابقاً ولم يأخذ به إلا القليلون وهو: إنه غير صحيح وإنه بمنزلة عمى ألوانٍ أن يوضع أهل المذهب الشيعي الشريف كلهم في السلة الإيرانية وأن ينظر الى كل الشيعة العرب والعجم والأفغان والباكستانيين وغيرهم على أنهم إيرانيون وأنهم «مجوس»، والعياذ بالله، وأنهم يشكلون في أوطانهم التي هم جزءٌ منها وهي جزء منهم جاليات فارسية وبؤر مخابرات لحراس الثورة وفيلق القدس ورؤوس جسور متقـدمة لـ«الولي الفقيه» ولفكرة تصدير الثورة العابرة للحدود.
ثم إن الصحيح، الذي من العيب والخطأ عدم الاعتراف به، هو أنه لا أحد غير الشيعة العرب، العراقيين والكويتيين والسعوديين والبحرانيين واللبنانيين ، قادرٌ على التصدي للمد الإيراني- الفارسي، المتدثر بعباءة التشيع والمعتمر بالعمامة السوداء، الذي اخترق حدود هذه المنطقة وأقام له بؤراً ساخنة وخلايا نائمة ومستيقظة في بعض دولها، والشاهد على هذا لبنان وغزة والعراق وحركة الحوثي في اليمن السعيد!! لا يضرُّ ولا يُضير إيران ان يـُحاصَرَ الشيعة العرب في بلدانهم وأوطانهم بالشكوك والاتهامات والعزل، بل هي تريد ان تجري معاملتهم والتعامل معهم على أنهم جاليات إيرانية، والسبب هو ما قاله رئيس حراس الثورة قبل أيام عندما توعد كل من يهدد بلاده بالجيوش الجرارة المنتشرة في هذه المنطقة المتمثلة بأبناء الطائفة الشيعية الكريمة التي هي في حقيقة الأمـر، باستثناء الاستثناءات المعروفة، جزء من الأمة العربية وجزء من تراب الوطن العربي وهوائه وماضيه وحاضره ومستقبله. هناك الآن حملة شعبية في البصرة لمقاطعة البضائع الإيرانية، وكانت قبائل الفرات الأوسط التي كلها تنتمي الى الطائفة الشيعية الشريفة قد تعاهدت من خلال بيانات معلنة وموقعة من قبل أُمراء وشيوخ هذه القبائل على اقتلاع الوجود الإيراني من مناطقهم، وهو وجود تجاوز كل الحدود الممكنة، وبات يشكل خطراً حقيقياً على العراق وثقافته وتوازناته وعلى اللغة والحضارة العربية. ولهذا فإنه لا يجوز إطلاقاً استهداف الشيعة كشيعة، فهؤلاء عربٌ وشركاء أساسيون في هذا الوطن الكبير وفي هذه الأوطان الصغيرة، وهم جزء لا يتجزأ من أمتهم العربية وأصحاب دورٍ طليعي في حركة النضال العربي في سنوات حروب الاستقلال واستعادة السيادة الوطنية والقومية وحتى الآن. إنهم منا ونحن منهم، وإنها جريمة ما بعدها جريمة ان يستهدفوا بانتمائهم الوطني والقومي وأن يُدْفَعوا دفعاً إلى الاحتماء بالأحضان الفارسية- الإيرانية. إن المفترض أنه معروف ان إيران هي التي أججت هذا الصراع الطائفي والمذهبي في العراق، وهي التي حوَّلت الضاحية الجنوبية من بيروت الى «قم» ثانية، وإيران أكثر أهل الكرة الأرضية سعادة بالجرائم التي ارتكبها تنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين» ضد الشيعة، فهي تريد ألاَّ يشعر هؤلاء بالأمن إلا بحمايتها والارتماء في أحضانها، وهذه حقيقة يجب ان يعرفها المصابون بغشاوة على أعينهم والذين يستهدفون أبناء هذه الطائفة نكاية بحراس الثورة وفيلق القدس ومحمود أحمدي نجاد والولي الفقيه!! * كاتب وسياسي أردني
مقالات
إنهم منَّا ونحن منهم!!
05-09-2008