المرزوق مَنْ يبقشش من جيب الحكومة!
النائب مرزوق الغانم شخصية لماحة وعقلية منظمة، استطاعت أن تخترق العمل السياسي في فترة زمنية قصيرة، وتحتل مقعدا في البرلمان منذ عام 2006، ولكنه بلاشك في مناقشته قانون العمل في القطاع الخاص الأسبوع الماضي قد خانه ذكاؤه وفطنته، فحاول أن يموه رفض قطاع الأعمال، الذي يمثله، قانون العمل الجديد بأفكار خرجت متناقضة.
بوعلي (كنية النائب) بدأ كلمته بصوت حنون وعواطف مرهفة تجاه العمالة الكويتية المعرضة للتسريح أو تخفيض الرواتب في القطاع الخاص، بسبب الأزمة الاقتصادية، ولكنه عاد فرفض أن تكون لها (العمالة) أي مميزات في قانون العمل الجديد، «أفاه»... لماذا يا «بوعلي»؟! فالنائب الغانم أجاب في نفس كلمته: المميزات يجب أن تكون في قانون دعم العمالة رقم 19 لسنة 2000، وتتحمل كلفته الحكومة وحدها. وهنا نتساءل: ماذا عن الامتيازات التي يطالب بها القطاع الخاص، وكذلك المستثمر الأجنبي، منذ سنوات، وحصل على الكثير منها؟ فهل المطلوب أن يأخذا أنصبتهما من «راس مرفوع» والحكومة «تبتلش بعيالها»؟ إذن، ماذا فعلنا؟ وماذا تحمّل القطاع الخاص من أعباء البلد مقابل ما حصل عليه من امتيازات؟ النائب الغانم قال أيضاً إن 4 في المئة فقط من العمالة الكويتية تعمل في القطاع الخاص... ولذلك لا يجوز أن نشرع امتيازات لفئة قليلة في قانون العمل. بصراحة أنا لم أفهم سبب هذا الاستنتاج... فإذا كنت تريد أن تغري الأكثرية فعليك أن تضع الامتيازات للأقلية لينضم إليهم من هم في القطاع الحكومي... وإن كنت لا أرى، حقيقة، في هذه الامتيازات في قانون العمل الجديد المعروض على مجلس الأمة سوى تعديل بسيط، يتعلق بأيام الإجازات السنوية والعطل الرسمية ولا شيء مؤثرا خلاف ذلك. النائب «بوعلي» كان يجاهد خلال كلمته ليهاجم القانون، وينتقص منه بطريقة غير مباشرة، مع أنه كان بإمكانه أن يكون واضحاً ومباشراً، ويقول إنه يتبنى رأي شريحة من رجال الأعمال، يرفضون القانون وما فيه من تعديلات متواضعة لمصلحة العمالة الوطنية والوافدة، بدل أن يجاهد في محاولة تغليف موقفه الرافض ليتلاءم مع اعتبارات أغلبية ناخبيه من أبناء الطبقة المتوسطة، وأصحاب الدخول المحدودة، الذين لم تفلح جهوده في إقناعهم بوجهة نظره، خصوصاً أن تعديلات واسعة ستُقدم على القانون في المداولة الثانية، أعلن الغانم نفسه أنه سيقدم بمفرده 42 تعديلا منها على القانون، ربما تؤدي إلى تفريغه من مضمونه والامتيازات المتواضعة فيه، وسيطلع عليها الجميع ويعرفون حقيقة المواقف منها، وهو ما قد يؤدي إلى هجرة معاكسة من الخاص إلى العام في سوق العمل الكويتي، لتظل الحكومة وحدها الراعي والموظف الأول للعمالة الوطنية، بينما سيبقى القطاع الخاص يعدنا بدوره المنتظر، ويطالب بمزيد من الامتيازات ودعم العمالة من الدولة، وهو ما سيحدث، فإن المرزوق هو من «يبقشش» من جيب الحكومة... في عهد النفط وأصحاب النفوذ!