قرأت قبل فترة خبرا في الصحافة الكويتية، مفاده أن احدى المكتبات العامة في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية سمحت بدخول المرأة المكتبة العامة من دون الحاجة الى محرم، وذلك يعني أن المرأة، قبل صدور هذا القرار كانت لا تستطيع الدخول الى المكتبة العامة الا بوجود هذا المحرم. والحقيقة لا أعرف سبب القرار الأول، ولا أدرك ما الذي تغير لكي يصدر القرار الثاني، لأن الأهم هو أن المرأة الآن تستطيع زيارة المكتبة العامة من دون حاجتها الى محرم يرافق طالبة علم أو استاذة باحثة أو صحافية تبحث عن مصادر معلوماتها في مكتبة عامة، وأكرر هنا مكتبة عامة أي مؤسسة حكومية، خصوصا اذا كان هذا المحرم لا يقرأ ولا يكتب ولكنه ذكر. وفي نفس الوقت تابعت مقالات الأخت الزميلة ايمان البداح في «الجريدة» بشأن المرأة في المجتمع القبلي وليس البدوي لأن الفرق بينهما كبير ومهم جدا.

Ad

الخبر ومقالات الزميلة أعادت إلى ذهني وضع المرأة الغربية في بدايات القرن العشرين، وصراعها من أجل اثبات كيانها كشخصية مساهمة في المجتمع وما وصلت اليه المرأة الغربية بالأمس البعيد ستصل اليه المرأة العربية في المستقبل القريب، والبوادر كثيرة جدا رغم الدور الغائب للمؤسسة النسوية.

حتى عام 1920 لم تكن المرأة في أغلب البلدان الأوروبية تمتلك حق الترشيح والانتخاب للمؤسسات البرلمانية أو ما يسمى woman` s suffrage وقبل ذلك لم يكن لها الحق في الملكية وكانت هي وما تملك ملك الرجل.

والعبارة الشهيرة «ملاك المنزل» هي الصفة التى تطلق عليها عادة، رغم تاريخ الحركة النسوية بدءا من القرن التاسع عشر الذي شهد الحركة النسوية الأولى لم تحقق المرأة الكثير، وفي بدايات القرن الماضي كان التشدد واضحا تجاه استقلالها ولذلك فشل «ابسن» بعرض مسرحية «بيت الدمية» في لندن حين هدد الجمهور بحرق المسرح احتجاجا على ترك الشخصية الرئيسية «نورا» للمنزل وتركها لزوجها.

في كتاب الروائية «فرجينيا وولف» الشهير «غرفة خاصة بالمرء» طرحت الكاتبة مشاكل المرأة المثقفة في مجتمعها وردا على سؤال الرجل الناقد «لماذا لم تخرج امرأة بقامة شكسبير؟» السؤال لم يكن منصفا لأن الظروف التي يحياها الرجل في ذلك الوقت ليست هي ظروف المرأة. ولكن الطريف في الكتاب، وذلك سبب تذكري له، هو وضع المرأة التي تبحث عن المال للالتحاق بالجامعة التي أسمتها «أوكسبيرج» اشتقاقا من جامعتي أوكسفورد وكيمبردج الشهيرتين، فلم يكن بامكان امرأة مهمتها رعاية المنزل أن تخرج للعلم وأيضا ذلك لم يكن متاحا لمن لا تملك مالا.

وفي الكتاب صورة مشابهة للخبر المنشور حول منع المرأة من دخول المكتبة العامة الا بمرافقة رجل، فقد رفض رجل الأمن دخولها المكتبة وهي المدعوة لإلقاء محاضرة عن الأدب على مجموعة من الرجال.

الفرصة التي تحققت للمرأة الغربية واستغلتها استغلالا جيدا كانت أثناء الحرب العالمية الثانية، حين خرج الرجل للقتال وترك المصنع والحقل بلا عمال واضطر الى قبول فكرة خروج المرأة للعمل. عملت المرأة وعرفت الاستقلال المادي وكان من الصعب عليها وعلى الرجل أن تعود ثانية ملاكا للمنزل فقط.

رغم كل ذلك مازالت المرأة الغربية تجدد حركتها النسوية، ففى عام 1990 ظهرت الموجة الثالثة من تلك الحركة وهذا التاريخ مهم جدا نظرا الى التطورات العالمية ومفهوم العولمة ورغم أننا أكثر الناس تأثرا به فإن مواكبتنا لتطوراته تبدو مخجلة، ليس على صعيد الحركة النسائية، بل على جميع الصعد.

المشكلة اننا بحاجة دائما الى محرك خارجي كي ننال حقوقنا، وهو ذات المحرك الذي يضيعها أحيانا، نحن نرى ونرقب ما يحصل في الجانب الآخر من الأرض ثم نتلقى نتائجه ان سلبا أو ايجابا.