... قد لا تسلم الجرّة!
![صالح القلاب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1501783180355436200/1501783193000/1280x960.jpg)
إن «حماس» تلجأ الى التصعيد لدفع الإسرائيليين مرة بعد أخرى إلى إغلاق المعابر بعد فتحها، والهدف هو الحفاظ على كل هذه الضجة العالمية التي تضعها تحت الأضواء الشديدة، وهو أيضاً دفع إسرائيل الى القيام بعمل عسكري كما حصل أمس الأول يجري إيقافه قبل ان يأخذ أبعاده، فتظهر هي بمظهر المنتصر، وعلى غرار ما فعل شقيقها الأكبر حزب الله بغض النظر عما سيلحق بغزة من دمار وما سيحلّ بأهلها من ويلات. كان صدام حسين قد حاول ان يلعب هذه اللعبة نفسها، فهو كان يظن ان حرب عام 2003 ستكون حرباً محدودة، وأن التدخلات الدولية ستمنعها من ان تأخذ أبعادها المرسومة كما حصل بالنسبة لحرب السويس في عام 1956 عندما استغل الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الفرصة ليكرس نفسه زعيماً للأمة العربية، وليثبِّت أركان نظامه حتى هزيمة عام 1967 المُنكرة. كانت حركة «حماس» تظن، وبعض الظن إثم، أن الإسرائيليين لن يغامروا ويشنوا حرباً ضد مدينة غزة، وأن أكثر ما يمكن ان يفعلوه هو اجتياحات محدودة لأطراف «القطاع» ستثير ضجة عربية وعالمية، سيتبعها تحرك دولي سيجبرهم على الانسحاب فتخرج هي منتصرة، بغض النظر عن حجم الخسائر التي ستلحق بالفلسطينيين، وتفرض نفسها كرقم رئيسي وأساسي على المعادلة الشرق أوسطية الجديدة. إن هذه هي حسابات حركة «حماس» لذلك فإنها قامت بكل هذا الذي قامت به وهي متناسية ذلك المثل القائل «إن هناك فرقاً بين حسابات الحقل وحسابات البيدر»، وأيضاً المثل الذي يقول «ليس في كل مرة تسلم الجرّة»... فالانتخابات الإسرائيلية غدت على الأبواب وباتت المزايدات هي التي تحرك القادة الإسرائيليين وتدفعهم إلى ارتكاب كل هذه الجرائم ضد أناسٍ أبرياء كل ذنبهم أنهم فلسطينيون وأنهم يعيشون في قطاع غزة. لا نقاش ولا جدال في ان إسرائيل دولة مجرمة لا تتورع عن ارتكاب أكثر المجازر وحشية، فهذه الأمور بحكم كل هذا التاريخ الطويل غدت معروفة وليست بحاجة الى براهين... لكن ما هو بحاجة الى ما هو أكثر من النقاش والجدال هو ان حركة «حماس» لم ترحم شعبها، وإنها خدمةٌ لأجندات غير فلسطينية بقيت تواصل كل هذه السياسات التي أوصلت الوضع الفلسطيني الى هذه الحالة التي وصل إليها والتي توجع القلب. * كاتب وسياسي أردني