أوباما والكلب

نشر في 25-04-2009 | 00:00
آخر تحديث 25-04-2009 | 00:00
 أ.د. غانم النجار عندما تستنكر النساء في الكويت أمراً فإنهنّ يقلْنَ «هو... هو... هو» ولاعلاقة لذلك بالنباح، كما انهن عندما يستغربن أمراً فإنهن يقلن «وييييييييي» بكسر الواو، وأيضا لاعلاقة لها بنعم الفرنسية.

وتقول العرب «القافلة تسير والكلاب تنبح...» دلالة على المضي في المسيرة وعدم الالتفات الى المعارضين، ووصفهم بالكلاب النابحة تصغيرٌ وتحقير لشأنهم. كما يقولون: «لو كل كلب عوى ألقمته حجرا...» دلالة ايضا على عدم الالتفات الى المعارضين، ومن غير المعروف لماذا يتم وصف المعارض أو المخالف في الرأي بأنه كلب.

بل إن شاعراً فاجأ أحد القادة عندما مدحه بقوله «أنت كالكلب» وصمت الشاعر برهة، لتتحرك العيون الغاضبة تجاهه، والأيدي على السيوف متأهبة لدق عنقه، حتى أنهى بيت الشعر بقوله «في الوفاء» لتهدأ النفوس، ويتحول الغضب الى مكأفاة ، فقد أصبح ذلك القائد مشهورا بسبب بيت الشعر الغريب.

من غير المعروف لماذا لا يتم التركيز في الثقافة العربية على صفات الكلب الجيدة كالوفاء والإخلاص وحراسته للمنشآت، وكشفه للمجرمين، وغير ذلك.

الاختلافات الثقافية في مسألة الكلاب كثيرة ولا نهاية لها. فمنتظر الزيدي، مثلا، أو قاذف الحذاء على الرئيس الأميركي السابق بوش، صرخ وهو يقذف حذاءه السياسي قائلاً: «يا كلب»، وهي ليست سبة أو شتيمة في الثقافة الأميركية، أي أنها لو كانت قد قيلت فقط بدون قذف الحذاء، فإن بوش وجماعته ربما كانوا سيستغربون تلك الصفة، ولربما كانوا سيقولون «ايوه ، فين السؤال»، فالحذاء المقذوف كان رسالة واضحة، ولربما لو ان الزيدي كان قد قذف قلمه او طفاية سجاير، أو حتى ساعته، لكان لها ذات الفعل الاحتجاجي، اما قوله يا كلب وحدها فلا أظنها كانت واضحة.

وربما لم يرتق أحد بمفهوم الكلب في الثقافة العربية كالشاعر أحمد فؤاد نجم في قصيدته «كلب الست»، التي صور فيها قصة أحد الغلابة واسمه اسماعيل عندما كان مارا بقرب فيلّا أم كلثوم التي كانت مشهورة بلقب الست. وحين عضه كلب الست واسمه فوكس وساح دمه وجدنا الشرطة تتحيز لمصلحة كلب الست.

«انت فين والكلب فين انت قده ياسماعين

طب دا كلب الست يابني وانت تطلع ابن مين»

ويصف الكلب فوكس خاتما قصيدته:

«انت تسوى في النيابة تسعمية من الغلابة

طب ياريت يافوكس كنا ولا تربطنا القرابة

هيص ياكلب الست هيص لك مقامك في البوليس

بكرة تتولف وزارة للكلاب ياخدوك رئيس»

على اية حال، ماعلينا من الحس الطبقي و»الحقد الاجتماعي» الذي رفع شأن الكلب فوكس، فها هو الرئيس الأميركي اوباما يدشن عهده باستقدام كلب اسود برتغالي الاصل، ليحل ضيفا عليه في البيت الابيض، إيفاءً بوعده الذي قطعه لابنتيه بأن يحضر لهما كلبا في حالة النجاح في الانتخابات، وهكذا كان. ويوجد لذات الكلب ثلاثة اخوة، وهو هدية من عائلة كينيدي، ومع ذلك فقد تم التحري والتدقيق في هوية الكلب، الا انه في نهاية الامر اصبح آخر ضيف يحل على البيت الابيض، وواحدا من سكانه، ومقيميه، أي الاقرب الى عائلة الرئيس قولا وفعلا.

ربما قد يكون مفيدا البدء في إدراج مفهوم علاقتنا بالكلاب، وتغيير فهمنا لها، في جدول اعمال حوار الحضارات، فلربما نحقق نجاحا في المسألة الكلبية اكثر من الاحاديث المكررة وغير المجدية، وربما عندئذ يتحول النباح الى سيمفونية، لم لا ، مجرد احتمال. ولربما تتغير معاملتنا للبشر المخالفين لنا في الرأي الذين نصفهم بالكلاب الضالة، أو العاوية، انطلاقا من الارتقاء بتعاملنا مع الكلاب. 

back to top