سبحان الله... مبدّل الأحوال... آمنت بك يا ربي! هذه هي التسابيح وعبارات الذِّكر التي رددها لساني عفوياً، وأنا أشاهد النائب مرزوق الغانم وهو يتزعم ويتصدر فريق النواب المقدمين لما سمي جزافاً بـ«قرض عادل».
المشهد كان يستحق كذلك أن نقول في ختامه للشعب الكويتي: «لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم»، فالرسالة معروفة من عنوانها ومعلومة مقاصدها، وعنوانها هو النائب الرياضي الشاب الغانم الذي لم يشهد تاريخه في العمل النيابي منذ عام 2006 أي مقترح أعده بنفسه يتعلق بمزايا مالية أو خدماتية للمواطنين. كما كانت له مواقف معارضة أو متجاهلة لاقتراحات شراء قروض المواطنين منذ دخوله إلى البرلمان، ولم نرَ منه سوى معارك رياضية جيرت فيها جهود النائبين أحمد السعدون وعادل الصرعاوي في تعديل القوانين الرياضية لمصلحته، وانتهت معاركه تلك على «ماميش» ومصالحة على وليمة الغداء الشهيرة دون أن نعرف لماذا بدأها؟ وعلى ماذا أنهاها؟ فما سبب كرمه هذا الآن، وتزامنه مع مشروع قانون الاستقرار المالي للدولة الذي سينقذ الشركات الاستثمارية المتعثرة؟! هي أسئلة مستحقة برسم الإجابة عنها من المواطنين كافة وناخبيه بصورة خاصة. المحزن فعلاً في المشهد كان انجرار النائب علي الراشد إليه، وهو نائب ذو سجل نيابي ناصع يستحق الاحترام، ولا يجوز أن يبدده في مناورات سياسية لآخرين، لا تخفى على فطنته وذكائه، فالمقترح أو القرض، إن دقق فيه سيجد أنه ليس «عادل» ولا يصير من بعيد أو قريب له أو حتى لجيرانه! وتوقيته جاء لهدف معين كشفه العديد من النواب المعارضين له في تصريحات صحافية، أهمها خلط الأوراق، وتوطئة لما سيمنح للمتورط من الشركات في الأزمة المالية من أموال عامة. النائب صالح عاشور علق على المقترح الخميس الماضي قائلاً: «إن جميع الاقتراحات بقوانين التي تُقدَّم لمنح المواطنين أو الأسر الكويتية مبالغ مالية تهدف في الأساس إلى إفشال قانون شراء مديونيات المواطنين وإسقاطه عن طريق خلط الأوراق، والدخول في متاهات البحث الدستورية والقانونية والاقتصادية لهذه المقترحات، كما أنها لا تحقق العدالة بمنح من هم بغير حاجة للمال بالتساوي مع من اقترض لتوفير سكن أو تسديد نفقات دراسية أو علاجية أو حاجة معيشية ملحة... وإن مقترح شراء مديونيات المواطنين هو الأنسب لحل الضائقة المالية للأسرة الكويتية». وبالفعل فإن النائب الغانم، في مؤتمره الصحافي، وجد صعوبة بالغة في الرد على أسئلة الصحافيين حول مقترحه وآليات صرف «قرض عادل» للمواطنين شيباً ورضعاً، وتجاهل كثير من تلك الأسئلة واكتفى بعرض إحصاءات وجداول وشروحات للمقترح على «البروجكتر» باللغة الإنكليزية!! أما بقية النواب الذين شاركوا في المقترح فلكل منهم قصة، فالنائب السلفي عبداللطيف العميري أكثر المقربين من الوزير السلفي أحمد باقر، فهو زميله وشريكه في الحملات الانتخابية في منطقة القادسية طوال السنوات الماضية، ومن أشد المعارضين لشراء المديونيات والامتيازات المالية للمواطنين، ومواقفه واضحة في اللجنة التشريعية بهذا الشأن، ويتبنى رأي صديقه وزميله في التنظيم باقر بدعم المعكرونة والجريش والدجاج البرازيلي دون تحمل خزينة الدولة أعباء مالية كبيرة! والنائب محمد عبدالجادر كذلك من تيار سياسي معارض لقضايا القروض وزيادة الرواتب، ومواقفه معروفة حيالها منذ دخوله المجلس، بينما يبقى ضيف الشرف على المقترح النائب مخلد العازمي الذي من قلة تصاريحه الصحافية وحديثه في الندوات العامة لم أعرف «مايته»، ولكنهم «اعزموه» على المقترح فقبل «العزيمة» دون أن يعرف ما هي «الطبخة» التي أعدها كابتن الفريق النائب مرزوق الغانم وغاب عنها «العادل»!
مقالات
طبخة مرزوق... غاب عنها عادل
03-03-2009