وجهة نظر : المهرجانات و شجونها... بمناسبة الإسكندرية

نشر في 11-09-2008 | 00:00
آخر تحديث 11-09-2008 | 00:00
 محمد بدر الدين عادة كان مهرجان الإسكندرية السينمائي يقام في سبتمبر (أيلول) من كل عام، لكنه نظم قبل هذا التاريخ هذا العام، نظراً إلى حلول رمضان في هذا الشهر، أما مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة الذي يقام بانتظام في سبتمبر أيضاً فقد قرر القيمون عليه تأجيله إلى ما بعد انقضاء الشهر الفضيل، وليتقارب موعده مع مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

تعتبر هذه المهرجانات الثلاثة الأبرز في فن السينما في مصر، بل هي مهرجانات الدولة التي تخصصها لدعم السينما، ومع أن مهرجان الإسكندرية تنظمه جمعية كتاب ونقاد السينما، إلا أن هذه الأخيرة تحظى باهتمام رسمي منذ نشأتها في السبعينيات من القرن من الماضي.

وإذا كان مهرجان الإسماعيلية هو الأكثر توفيقاً وتدقيقاً، من ناحية تنظيمه ومدى توافر الشروط المتعارف عليها في مهرجانات العالم المتقدم (إلى حد ملحوظ ولا نقول نموذجي)، وفي حين يتراوح مهرجان القاهرة في كل عام بين الإيجابيات والسلبيات، فإن مهرجان الإسكندرية تغلب عليه السلبيات منذ إنشائه، وتكاد لا تخلو دورة واحدة من دوراته من الأزمات الحادة، والحكايات التي تقلل من شأنه، إن لم تكن تشينه، ومع ذلك يستمر في الوجود الصاخب ويصر على العيوب نفسها والمثالب، من دون محاولة تذكر للاستفادة من الدروس أو العبر، بداية من فوضى الافتتاح إلى فوضى الختام، مروراً بفوضى اختيار الأفلام وعدم تطابق عروضها مع المواعيد المعلن عنها في الجداول...

هذه السنة بعدما تم الاتفاق على الافتتاح بالفيلم المغربي «كل ما تريده لولا»، تراجعت إدارة المهرجان عن عرضه في اللحظة الأخيرة! بقرار من رئيسها ممدوح الليثي الذي يتدخل في كل كبيرة وصغيرة، على الرغم من وجود رئيس للمهرجان عادة غير رئيس الجمعية، وقد سبب هذا التراجع في اللحظة الأخيرة، من دون أي سبب منطقي أو حتى واضح، مشكلة جديدة أساءت إلى المهرجان، بل وصفتها بعض الصحف المصرية بـ «الفضيحة الجديدة لمهرجان الإسكندرية».

ويبدو انه لا حل أو أمل لتطوير مهرجان الإسكندرية إلا عبر عدم تركه {ألعوبة} (أو بالأحرى، وبصراحة، وسيلة منفعة وربح بصورة ما لأفراد ذوي نفوذ في الجمعية)، وأن تنظمه جهة ثقافية يتوافر فيها الحد الأدنى الضروري من الجدية والتجرد، مثل «صندوق التنمية الثقافية» التابع لوزارة الثقافة، أو «المركز القومي للسينما» ، لأنه لا يصح على كل حال استمرار مهرجان يوصف عادة بـ «المهزلة»، بينما يعبر عن مصر ويحمل اسم الإسكندرية ويقدم نفسه بطابع دولي، وكثيراً ما يتجاوز حدود السينما في دول البحر الأبيض المتوسط، كما أعلن عنه عند نشأته، إلى عرض أفلام من أي مكان في العالم شرقه وغربه وعلى نحو عشوائي تماماً.

وإذا كان مهرجان القاهرة لا يخلو من عيوب، بعضها ثابت ومتكرر، فإن مهرجان الإسكندرية هو «كاريكاتور» المهرجانات كلها بعيوبها الواضحة الجلية، والتي يدعو بعضها إلى الضحك، ربما من باب شر البلية ما يضحك، على الرغم من أنه لا يليق ببلد كبير وعريق مثل مصر أن يكون فيه مثل هذا المهرجان.

فمصر بقيمتها، وبقدراتها تليق بها مهرجانات أرقى وأرفع. وكما كانت السينما المصرية هي الأسبق في الوطن العربي والمنطقة كانت المهرجانات السينمائية المصرية هي السباقة إلى الإلمام بالتقاليد الجادة المعروفة للمهرجانات.

ظهرت مهرجانات مهمة في أنحاء العالم العربي، من الإمارات إلى المغرب مروراً بتونس وسورية ولبنان، وهي بدورها تتراوح في مستواها وقيمتها، نتمنى لها مزيداً من الارتقاء والتجويد، بقدر ما نتمنى دفعة أو طفرة إلى الأمام تصحح أوضاع المهرجانات المصرية خصوصاً «القاهرة»، و«الإسكندرية».

والحق أنه ليس ثمة أنسب من الإسكندرية لإقامة مهرجان مصري وعربي ناجح، له قيمته وصفته الدولية، يلتف حوله السينمائيون العرب، ويدعمونه ويعتبرونه واجهتهم الثقافية ويعرضون فيه نتاجهم السينمائي السنوي، ويشكل ملتقى لنقاد السينما العرب بهدف تطوير الجهود وتوحيدها. نحتاج إلى مهرجان سينمائي عربي كبير وإلى اتحاد للنقاد العرب قوي ونشط... وهو بطبيعة الحال موضوع يستحق حديثاً منفصلاً ومفصّلاً.

back to top