كلمات الغزل تبقي وردة الحب ندية دائما...

Ad

إنها تبقي دوحة الحب خضراء... والطيور تتكاثر فيها... والفراشات الملونة... والظل الوارف

الكلام الحلو... يطرّي القلوب...

يحضّها على الفرح...

يحميها من التصحّر...

ليس أسهل من إهداء الكلام الحبيب غير المبتذل لمن نحب

وليس هناك ما هو أروع من أن تصبح الكلمات الشفافة في متناول قلب الحبيب في كل لحظة وفي كل مكان، يجدها مخبأة بين ثيابه في خزانة الملابس، وتحت وسادته، في طريق خطواته، بين صفحات كتاب يقرأه، على مائدة طعامه، يجدها دائما أقرب من أرنبة أذنيه.

من المهم جدا أن «نسيّل» الكلمات الجميلة، وأن لا ندعها تتحول إلى حجارة من قلة الاستعمال.

أن لهذه الكلمات أثرا غير عادي في جعل مفاصل الحب لا تصاب بالروماتيزم، وتجنب قلبه من تصلب الشرايين، وتحميه من ضربات الشمس المميتة،

فإذا كانت الكلمة الطيبة صدقة من المنظور الديني، فهي واجب من المنظور العاطفي.

تحضرني قصة واقعية لشخصين تحابا لسنوات، وكانا في بداية علاقتهما العاطفية يتبادلان الكلمات الجميلة، ويعبران عن مشاعرهما بعضهما تجاه بعض بمناسبة وبدون مناسبة، بل أنهما اتخذا من هذا الفعل مناسبة بحد ذاتها، ومع مضي السنين بينهما، بدأت الكلمات الطرية تقل رويدا رويدا دون أن يشعرا بذلك، وبدلا من تلك الأحاديث الحميمة، والتي تحمل أسراب السنونو، ومرافئ الدفء، وظلال الشجر، أصبح الحديث بينهما لا يحمل سوى جفاف اليوميات، والأخبار العادية لكليهما، التي أصابت لحظاتهما بالتثاؤب والملل، وأصبحت اللحظات الوحيدة المثيرة بينهما، هي تلك اللحظات التي يتحدثان فيها عن كرة القدم! تخيلوا نقاشا حادا وجدلا بين عاشقين يدور حول كرة القدم! وما عدا هذا الموضوع فإن الوقت بينهما ينقضي بالصمت الطويل، مع ترديد جمل ساذجة الهدف منها قطع فترات الصمت لا أكثر، مثل: (هاه... بعد شخبارك؟! شسويتي اليوم؟! شبتسوي؟! وين رحت اليوم؟!...إلخ) وتكون إجابات الطرف الآخر دائما مقتضبة لا تحمل أي حماس أو نبض، إلى أن توفي الحب بينهما «بالسكتة الكلامية» بعد أن مضى وقتا طويلا ممدا على سرير الخرَس!

طبعا لا أعتقد أنه من المطلوب ألا نردد سوى كلمات الغزل، ونصبّها في أذن من نحب طوال الوقت، لأن ذلك أيضا يفقد الكلمات حرارتها، ويحولها إلى مجرد كلمات بلا روح، ولكن من المهم ألا تغيب عن قاموس مفرداتنا مع أحبائنا زمنا طويلا، فالحب يعشق التدليل ولا يستطيع العيش في بيئة جافة خالية من رفاهية المشاعر ورفاهية الكلمات، الحب... يعشق أن يتخذ من أصواتنا وحروفنا أرائك من حرير، فإذا لم يجد الحب هذه البيئة «اللفظية» المرفهة... فسيهاجر ولو بعد حين، ويبحث له عن مكان أكثر جمالا.

ليس مطلوبا أن يصبح كل الناس شعراء، وأن يختاروا أجمل الكلمات للتعبير عن أحاسيسهم، فالحب يصل حتى عبر أبسط الكلمات، ومن خلال التعبيرات المباشرة، بشرط أن تكون المشاعر صادقة ولا يعتريها الزيف.

لا تدعوا الكلمات الحلوة تجف في صدوركم، أخرجوها من سجنها، ودعوها تنشر الحب والشذى والمطر في فضاء من تحبون، بين الحين والآخر.