Ad

يقع يوسف معاطي على فكرة طريفة، أو مفارقة لافتة، بطابع جاد لا يخلو من فكاهة وفانتازيا، في الفيلم الجديد «حسن ومرقص»، من تأليفه وإخراج رامي إمام، وهو أحدث أفلام النجم الكبير عادل إمام، بالإشتراك مع نجم عالمي ومن أساطير السينما المصرية هو عمر الشريف.

يؤدي عادل إمام في الفيلم شخصية القس بولس، رجل دين مسيحي مصري معتدل يدعو أبناء ديانته إلى التسامح والابتعاد عن التعصب، إلا أن هذا الخطاب المعتدل لا يرضي المتشددين من أبناء دينه، فيتعرض على يد هؤلاء لمحاولة اغتيال فاشلة.

في الوقت ذاته، نجد أنفسنا أمام الشيخ المسلم الطيب تاجر العطارة محمود الذي يؤدي شخصيته عمر الشريف، وشقيقه وهو أمير لجماعة دينية متطرفة، ما يدفع هذه الأخيرة إلى أن تعرض عليه أن يخلف أخاه في إمارتها، لكنه يرفض بإصرار كونه لا يرجو إلا ان يكون رجلاً صالحاً يرضي ربه، ولا خبرة له في التنظيمات أو الجماعات الدينية! وبدوره يتعرض لعملية اغتيال فاشلة، ويصبح على جهات الأمن حماية الرجلين، فيرسل أحد مسؤوليها القس بولس إلى المنيا متنكراً في شخصية شيخ مسلم وباسم جديد هو «الشيخ حسن»، ترافقه زوجته (لبلبة) وابنه (محمد عادل إمام) اللذان يغيران اسميهما، وتحدث مواقف طريفة للأسرة المسيحية التي تعيش وسط المسلمين كأسرة مسلمة.

كذلك يرسل الشيخ محمود متنكراً في شخصية المسيحي «مرقص»، وأفراد أسرته، زوجته (هناء الشوربجي) وابنته (شيرين عادل) متنكرين بدورهما، ويسكنون في إحدى العمارات، ويعيشون تفاصيل الحياة كأسرة مسيحية.

ثم ينتقل إلى الحي والعمارة ذاتهما حسن (القس بولس سابقاً)، ويصبح جار مرقص، وتنشأ علاقة صداقة بينهما ومودة بين الأسرتين، بل وبداية علاقة حب بين ابن مرقص وابنة محمود، وتفتتح الأسرتان معاً (مخبز الإخلاص) وتتشاركان في المشروع أيضاً.

عندما يتصارح الحبيبن بحقيقة ديانة كليهما وبقصة التخفي والتنكر، تنكشف الأمور أمام الأسرتين وأمام حسن ومرقص، أو القس بولس والشيخ محمود.

يساورهما القلق وينزعجان من هذه المفاجأة، ويحاولان الإبتعاد عن بعضهما، إلى أن يحدث اشتباك واسع وعنيف في الشارع بين شباب من الديانتين، تحزن له الأسرتان، فتتشابك أيادي أفرادها ويخترقون الفتنة وسط سيل الدماء، عندها يكتشف حسن ومرقص أن قدرهما واحد وأن من الضروري أن تنتهي «المأساة المهزلة» فوراً ولا بد من وأد الفتنة في المهد، تلك هي رسالة الفيلم.

الفيلم مؤثر، يمس القلوب والمشاعر، ناضج فنياً، ويقدم فيه الشريف وإمام تمثيلاً جميلاً. يبرع المخرج، خصوصاً في المجاميع أثناء الاشتباكات القاسية في النهاية، وإن غاب عنه تحليل الظاهرة، وأسبابها التي يمكن أن تدفع مصر، كانت دائماً بمنأى عن النار غير المقدسة، إلى أن تحرق أصابعها ؟

لا نقول إن على الفن الدرامي أن يقدم الحلول، لكن عليه أن يلهم ويشير، وعلى الأقل أن يقدم التحليل للأسباب وأن يومئ إلى جذور الفتنة!

هذه النواحي والأمور، لم يقدم فيلم «حسن ومرقص»، على جديته، أي شيء منها.