قال «نايف الرشيدي» شقيق أحد السعوديين الأربعة الذين ألقت السلطات الباكستانية القبض عليهم قبل أسبوع لصحيفة «الشرق الأوسط»، إن شقيقه «فوزي» الذي توجه منذ عام إلى أفغانستان، لم يكن له تاريخ من التعصب الفكري أو التطرف الديني، وأنه توقف عن الدراسة عند المرحلة المتوسطة!

Ad

لكن «نايف» وصف الأجواء التي سبقت اختفاء شقيقه عن الأنظار قائلا: لقد سبق فكرة إقدام فوزي على الذهاب إلى الجهاد بأفغانستان، فترة «التزام ديني» تعرف خلالها على مجموعات ممن وصفهم بـ«الملتحين» كانوا يترددون على منزل العائلة لمقابلته وتحريضه على الجهاد... وأن محاولات العائلة بإقناع «فوزي» بالتخلي عن فكرة القتال في أفغانستان قد فشلت تماما، وأنه كان يردد علنا أنه ذاهب للجهاد في أفغانستان لأن هناك من «ضمن له دخول الجنة»!!

إنه المشهد ذاته... يتكرر للمرة المليون، الجهل يلتقي بـ«صحبة صالحة»، فتحرضه الصحبة على الذهاب إلى الجهاد في أسرع وقت، فيما أفرادها جالسون في أرضهم لا يتحركون خطوة نحو جهادهم المزعوم، لكنهم في الوقت نفسه يضمنون لمن يذهب دخول الجنة، وربما أعطوه ورقة بذلك إن شاء، فقد أصبحوا فجأة الوكلاء الحصريين لجنات النعيم، أو هكذا حسبوا أنفسهم والعياذ بالله!

الصحبة الصالحة تريد بناء دولتها «الطالبانية» بجثث ودماء بعض أبنائنا الجهلة والسذج الذين لم يكملوا تعليمهم، ويفتقدون أبسط درجات الوعي والإدراك، الصحبة الصالحة تستخدم منابر المساجد وأجهزة الإعلام صارخة باكية وهي تشرح أحوال «الإخوة» في أفغانستان وباكستان، ويقرع خطباؤها الجمع الجالس أمامهم لتقاعسهم عن نصرة إخوتهم المسلمين في شتى بقاع الأرض، وما إن تنتهي الخطب الحماسية حتى تلتقط «صنارة الجهاد» عددا من «المتحمسين» الذين هم على أهبة الاستعداد للقتال فورا وفي أي بقعة من الأرض يشير إليها الشيخ بإصبعه الطاهر المبارك، الذي لم يلمس يوما سلاحا ينصر به إخوته الأفغان أو الباكستانيين أو الشيشانيين!

سؤال يحيرني: ما فائدة إعادة التأهيل التي تقوم بها بعض السلطات في دول الخليج العربي لمن عادوا من غوانتنامو، فيما يسرح ويمرح محرضوهم صادحين بما شاؤوا من دعوات جهادية؟! هل يظنون أن الخطر قادم فقط ممن يحمل السلاح؟!

إن كانوا يظنون ذلك حقا فهم واهمون لا شك، فـ«المحرضون» هم أساس البلاء وهم مصانع الإرهاب المتحركة التي لا تتوقف عن الإنتاج منذ سنين، المحرضون الذين «يضمنون الجنة» للسذج والغافلين هم علة العلل وهم من بحاجة لإعادة تأهيل، وإن استمررنا في السكوت عنهم والتهاون معهم، سيتجرؤون أكثر ليصنعوا دولتهم الطالبانية على أراضينا وبين شعوبنا آجلا أم عاجلا!

***

امتدح وزير الدفاع الأميركي «روبرت غيتس» الجندي الأميركي الذي اندفع للذود عن موقعه من هجوم طالباني، وهو يرتدي سروالاً قصيراً زهري اللون، و«شبشب بلاستيك» من ذي الإصبع الواحد! وقد عبر عن رغبته برؤية الجندي ومصافحته في المرة القادمة التي سيزور فيها أفغانستان!

قال غيتس بفخر: إن جنديا يندفع للقتال ضد طالبان بسروال زهري و«شبشب» لا بد أنه يمتلك نوعاً خاصا من الشجاعة، وأستطيع أن أتساءل عن التأثير الذي أحدثه ذلك على طالبان، فقط تخيلوا معي ذلك: رجل بسروال زهري و«شبشب» يضعك في عدسة منظار بندقيته، يا له من إبداع لا يصدق في مجال الحرب النفسية!

«إشدعوه» كل هذه الفرحة والابتهاج والفخر من مواجهة جندي أميركي لطالبان بسروال قصير زهري اللون؟! أين الإبداع في الأمر، وما دخل الحرب النفسية في الموضوع؟! الظاهر المستر «غيتس» لم ير يوما صورة لمحاربي طالبان بلباسهم المهلهل دون خوذات أو واق للصدر وبأحذية «زنوبه» مهترئة ومنتهية الصلاحية منذ قرون!

الواقع أن الجندي الأميركي بسرواله الزهري و«شبشبه» ذي الإصبع يعتبر «حده كاشخ» على طالبان، وربما يكون أحد مقاتليهم قد سرقه من معكسر القوات الأميركية لليلة عرسه، فقد اختفى السروال المزركش بعبارة: « أنا أحب نيويورك»، الذي أصبح أكثر شهرة من مايكل جاكسون ومادونا وتوم كروز مجتمعين، بعد الحادثة بأيام قلائل!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء