شهادات علمية بتنغ ونيم!
صح النوم يا معالي وزيرة التربية ووزير التعليم العالي في إيقاف الجامعات الفلبينية، فقد نفذ من قرارك أكثر من ألفي طالب وطالبة وفي تخصصات خطيرة منها الطب البشري وطب الأسنان والهندسة وعلى مستوى الدكتوراه في المجالات المختلفة!وليت العبث في التعليم وقف عند حد الفلبين، فقد تجاوز عدد طلبتنا في الخارج من الدارسين على نفقتهم الخاصة حوالي 40 ألفاً يجوبون العالم شرقاً وغرباً وفي جامعات ومعاهد لا يعلم مستواها الأكاديمي إلا الله والراسخون في العلم، ولم يقفز هذا العدد المهول إلى هذا الحد إلا في عهد الوزيرة «أم عادل» رغم تنبيهها وتحذيرها بل واللجوء إلى مساءلتها، ولكن يبدو أن الاحتفاظ بالكرسي الوثير يغلب مصلحة البلد ومستقبل أبنائه.
فمشكلة دكاكين التعليم قد لا تظهر الآن ولا يمكن حتى تخيل نتائجها المأساوية في المنظور البعيد إلا بعد عودة رجال المستقبل مدججين بسلاح العلم شاهرين شهاداتهم أمام أكبر رأس، مدَّعين أنهم أصحاب المؤهلات العليا ومن الكفاءات الوطنية ومطالبين بالوظائف القيادية في الدولة ليقرروا بعدها مصير البلاد والعباد!وطالما نحن في مجتمع الواسطة والمحسوبية وسيطرة الوجاهة التي لم تعد تقتصر على السيارات الفارهة أو الملابس الكشخه، بل شملت حتى الشهادات المشتراة بالأقساط المريحة، فلا نستغرب أن نجد خلال عقد من الزمن جيشاً من النخبة الجديدة على كراسي البرلمان ومجلس الوزراء والمناصب العليا في الدولة ورؤساء للجامعات ممن لم يروا حتى الجامعات التي تخرجوا منها أو لا يتقنون أبجديات اللغة التي يفترض أنهم أتقنوها ولا مبادئ التخصصات العلمية التي درسوها. وحتى نستوعب حجم هذه المأساة، لنعط مثالاً على حالة واقعية متمثلة في أحد كبار القياديين على رأس هرم أكاديمي يحتضن عشرات الآلاف من الطلبة، وهو خريج إحدى هذه البقالات ونال منها شهادة عليا مكَّنته من القفز على رقاب المئات من نظرائه خريجي الجامعات العالمية المرموقة ليصبح الآمر الناهي عليهم ويتحكم بترقياتهم وتعيينهم في الوظائف الإشرافية، ورغم ذلك كان خجولاً من الإفصاح عن جامعته ونوعية شهادته ومحرجاً من الكشف عنها لأكثر من عشرين سنة وحاول إلغاء تلك الفضيحة العلمية من سجلاته في المؤسسة التابع لها وفي الجهات المعنية كوزارة التعليم العالي وديوان الخدمة المدنية، وحاول إخفاء هذه المعلومة حتى عن وزيره المباشر وفي الأوراق والمخاطبات الرسمية ناهيك عن سيرته الذاتية، ولكن وبعد أن انكشفت الحقيقة المرة بدأ يمارس أسلوب جس النبض للاعتراف عن هذه الشهادة الفذة والجامعة المميزة من خلال بعض الكتاب والصحافيين، بعدما كان قاب قوسين أو أدنى من تقديم استقالته أو عزله من منصبه.ومن المؤكد أن مثل هذه الجرأة لم تأت من فراغ إنما بسبب تنامي ظهور الشهادات الصورية والجامعات الوهمية وتحول الأمر إلى ممارسة طبيعية وبالتالي ينطق عليه المثل القائل: «حشر مع الناس عيد»، والمصيبة في تفشي مثل هذه الظاهرة أن يصل الأمر إلى حد الاستعداد لضرب القيم وهدم ما تبقى من ركام بعض المؤسسات، خصوصا العلمية منها من أجل حماية المناصب التي أخذت زوراً وغصباً من مستحقيها وأن يطبل بعض المنتفعين والمتطفلين من بركات هكذا مسؤولين ولو على حساب المصلحة العامة، وإن تطلب ذلك تصوير الجامعات الوهمية والشهادات المزيفة وبوقاحة بأنها على مستوى هارفرد وكامبريج والسوربون. ولذلك، فإن قرار وزيرة التربية الأخير والذي أرغمت عليه بفضل ما كشفه موقع «زووم» الإلكتروني مشكوراً يجب ألا يقف عند حد بعض الجامعات الفلبينية، ولكن المسؤولية التاريخية واحترام الضمير يتطلبان وقفاً فورياً لجميع الجامعات المشبوهة في جميع الدول، وإن تطلب ذلك تعويض طلبتنا المغرر بهم ما صرفوه من رسوم دراسية أو تحويلهم إلى جامعات حقيقية مهما كلف ذلك أو إنشاء جامعة وطنية على وجه السرعة لاحتضانهم داخل بلدهم إذا كانت النوايا مخلصة في إنقاذ أبنائنا وإنقاذ مستقبل الكويت من مدعي الشهادات المزورة! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء