بانتظار موعد القمة!
ستكون الأيام العشرة المقبلة، حتى موعد القمة العربية التي من المفترض ان تنعقد في الدوحة في الثلاثين من هذا الشهر، أياماً حاسمة أو حسوماً وقد تتغير اتجاهات الرياح في لحظة، وهناك الآن حركة دؤوبة تدل على ان بعض المعيقات المتوقعة قد بدأت تعترض المسيرة التصالحية التي يقودها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والتي كانت قد بدأت خلال قمة الكويت وانتهت بانعقاد القمة الرباعية التي انعقدت في الرياض قبل أيام عدة. لو لم يطرأ عارض جديد لما جاء وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي الى الرياض برسالة من محمود أحمدي نجاد، ولما قام بعد ذلك سعود الفيصل بزيارة عاجلة الى الدوحة، وأيضاً لما قام الرئيس السوري بشار الأسد بزيارته الأخيرة الى قطر، فهذه التحركات، التي ربما تتبعها تحركات أخرى جديدة خلال الفترة المتبقية حتى الثلاثين من هذا الشهر، لا يمكن ان تكون لو لم يطرأ بعد القمة الرباعية الأخيرة ما ألقى بظلال قاتمة على انعقاد القمة العربية التي من المفترض ان تنعقد بعد عشرة أيام في العاصمة القطرية.
كانت المعلومات قد تحدثت، بعد قمة الرياض الرباعية مباشرة، عن ان محمود أحمدي نجاد مصرٌّ على حضور قمة الدوحة بحجة فتح حوار مع العرب كلهم بشأن العلاقات المتردية بين إيران ومعظم الدول العربية، ولعل ما يعزز هذه المعلومات ان متكي قد قام بالزيارة، التي قام بها، الى المملكة العربية السعودية، وأن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قد قام بعد ساعات فقط بالزيارة، التي قام بها، الى قطر، وأن الرئيس السوري بشار الأسد قام بعد ذلك بالزيارة السريعة المفاجئة، التي قام بها، الى قطر. إن كل هذا يعني ان هناك شيئاً قد اعترض طريق القمة التي بُذلت مساعٍ خيرة جبارة لتكون قمة استعادة التضامن العربي وطيّ صفحة الخلافات التي سادت على مدى كل الأعوام الماضية، والمعروف ان المملكة العربية السعودية ومصر كانتا اشترطتا لحضور هذه القمة، أولاً: ألا يُدعى إليها محمود أحمدي نجاد، وثانياً: ان يقتصر الحضور الفلسطيني فيها على الرئيس محمود عباس (أبومازن) ومن سيختاره ضمن الوفد الذي سيرأسهُ سواء كان من داخل منظمة التحرير أو من خارجها. ثم ولعل ما يجعل الأيام العشرة المقبلة حاسمة أو حسوماً هو أن التصريحات التي أدلى بها الرئيس بشار الاسد بعد قمة الرياض الرباعية مباشرة حمالة أوجه، فهو تحدث في هذه التصريحات عن ان المطلوب هو ليس المصالحة، وإنما إدارة الخلاف، وتحدث أيضاً عن ان ما جرى في العاصمة السعودية هو مجرد الخطوة الأولى على طريق التصالح... وأيضاً ولأن المثل يقول: «خذوا أسرارهم من صغارهم» فإنه لابد من أخذ الهجمات العنيفة التي شنتها بعض الصحف اللبنانية المحسوبة على حزب الله وعلى تحالف «الممانعة» على المملكة العربية السعودية وعلى مصر رغم الاتفاق على ضبط الإعلام في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة بعين الاعتبار في مجال الحديث عن انعقاد قمة الدوحة. لو أنه ليس وراء الأكمة ما وراءها لما كانت هناك كل هذه التحركات المتلاحقة، ولما كانت هناك هذه التصريحات الموغلة في التشاؤم التي نسبت الى الرئيس السوري، وأيضاً لما كان هناك كل هذا الهجوم العنيف المتواصل الذي تقوم به صحف حلف «الممانعة» في لبنان على مصر وعلى المملكة العربية السعودية.كاتب وسياسي أردني