Ad

أتمنى لو كنا في وضع متقدم يسمح لنا بالتبليغ عن حوادث السرقات الأدبية للنقابات والجمعيات الصحافية، حتى لا يُسمح لتلك النوعية من اللصوص بالاستمرار في عضوية هذه الجهات أو الانضمام إليها، فمجتمعنا الصحافي فيه ما يكفيه من المصائب، ولا ينقصه لصوص وسرّاق الكلمة!

قبل أسابيع عدة، وصلني «إيميل» من الزميل بدر الكويت، أظنه كان يحوي جملة واحدة إن لم تخني الذاكرة: سرقوك يا ساجد، ومعها رابط من موقع «لصوص الكلمة» على الإنترنت الذي يديره الزميل. ضغطته وإذا به يقود إلى صفحة أضيفت بتاريخ 11 يونيو 2008م، عن زميل جديد يكتب في إحدى الصحف الزميلة الجديدة.

زميلنا الجديد في الصـــحــيـــفــة الجديدة، وبحسب ما أثبته موقع «لصوص الكلمة» كان قد قام بعمليات سطو عدة ومتفرقة على كتاب عديدين من صحف ومواقـــع شــــــــتى، وقد كنت أحد ضحاياه.

قام الأخ بالســـــطـــو عـــلــى تقرير كنت كتــبــتــه بــمــعـــيـــة الـــزمـيـل عبد الرحمن الجميعان عام 2003م لموقع «الإسلام اليوم» تحت عنوان «الإسلاميون والانتخابات الكويتية... غياب الأولويات!»، فاستلب خمس فقرات ثقيلة، وحشرها في مقال له تحت عنوان «النوّاب الإسلاميون... وغياب الأولويات»، من دون أن يشير إلى المصدر. الظريف أن مقال الزميل «اللص» لايزال حتى الساعة في موقع الصحيفة على الإنترنت، على الرغم من افتضاح أمره.

الحقيقة أني حين رأيت الأمر، تضاربت مشاعري ما بين مستغرب ومستهزئ ومتضايق، فالرجل -كما بدا لي من الصورة- من المتدينين، وكان من المقرف حقاً أن يقدم على مثل هذا التصرف، وهو على هذه الهيئة. غلبتني مشاعر الحزن لأجله، فاكتفيت بالرد على الزميل بدر الكويت، بالقول إن الزميل السارق «مسكين»، وتناسيت الموضوع، لكن موقع «لصوص الكلمة» لا يجامل أحداً، لذلك لاتزال صفحة هذا المسكين بادية على رؤوس الأشهاد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ظاهرة السرقات الأدبية والفكرية، ظاهرة قديمة، وأكبر بكثير مما قد يتخيل المرء. شاهدت يوماً بنفسي وبالوثائق، كتاباً لأكاديمية سياسية كويتية تبوأت مناصب عالية غير مسبوقة، مسروقاً في جله من كتاب لأكاديمي مصري، وقد قامت هذه «اللصة» بتدريس كتابها المسروق في أحد المعاهد الحكومية المهمة، وتقاضت لقاء ذلك آلاف الدنانير. أعترف بأني حاولت نشر الفضيحة في إحدى الصحف في ذلك الوقت، ولكن الصحيفة لم تتشجع، ربما خوفاً من توابع المسألة، فتناسيت الأمر بعدها في خضم المشاغل.

اليوم، ومع تطور محركات البحث مثل «غوغل» وغيرها، ومع تزايد مواقع الصحف على الإنترنت، أصبح إخفاء السرقات الفكرية والأدبية أكثر صعوبة، فبكبسة زر في موقع «غوغل»، يبين المستور، ويضبط اللصوص بجرمهم المشهود. بل إن هناك مواقع شبكية وبرامج تتخصص في مقارنة النصوص، وكشف ما إذا كانت مسروقة من هنا أو هناك.

السرقات الفكرية والأدبية تزايدت أيضا عندنا في الكويت بعد دخول هذا الكم الهائل من الصحف الجديدة إلى الميدان، وقيامها بتعيين محررين وكتاب، أغلبهم من الجدد قليلي الخبرة، وفيهم كثيرون من قليلي «الأدب» والذمة ممَن لا يتورعون عن السطو على ما ينشر على الإنترنت، ظناً منهم أنهم سيفلتون بذلك، ولكنهم سرعان ما ينكشفون.

إضافة إلى ذلك، فأنا أتصور أن قيام الكاتب أو المحرر بالسرقة من دون علم الصحيفة التي يكتب فيها لا يعفي هذه الصحيفة من مسؤوليتها تجاه الحدث، فهي مطالبة عند اكتشافها لذلك، أن تنشر توضيحاً لقرائها، وأن تزيل النص المسروق من موقعها، وأن تتخذ إجراءات صارمة بحق السارق.

كما أتمنى لو كنا في وضع متقدم يسمح لنا بالتبليغ عن مثل هذه الحوادث للنقابات والجمعيات الصحافية، حتى لا يسمح لهؤلاء اللصوص بالاستمرار في عضوية هذه الجهات أو الانضمام إليها، فمجتمعنا الصحافي فيه ما يكفيه من المصائب ولا ينقصه لصوص وسرّاق الكلمة!