ما بعد الانسحاب الأميركي!

نشر في 05-03-2009
آخر تحديث 05-03-2009 | 00:00
 صالح القلاب قبل إقامة مهرجانات الأفراح والليالي الملاح احتفاء واحتفالا بما أعلنه الرئيس الأميركي باراك أوباما بالنسبة إلى سحب القوات الأميركية من العراق سحباً نهائياً في عام 2011 لابد من تصور ماذا من الممكن ان يحدث بعد ذلك، وما إذا كان هذا البلد سيصمد ويواصل مسيرة استكمال بناء دولته الجديدة أم أنه سينهار ويتمزق ويصبح عبرة لمن يريد الاعتبار؟!

إنه لابد من اعتراف العراقيين، الذين في مواقع الحكم والسلطة والذين خارجها، بأن واقع بلدهم لا يزال طريّاً وهشاً، وأنه لا تزال هناك ثغرات كبيرة وكثيرة في جدران دولتهم الجديدة، وأن هناك فراغاً سيحدث بعد انسحاب القوات الأميركية حتى بالحدود التي تحدث عنها باراك أوباما، وأن إيران على وجه التحديد هي التي ستملأ هذا الفراغ، وهذا كله يجب ان تأخذه القوى العراقية الفاعلة ومعها الدول العربية المعنية بعين الاعتبار، وتباشر منذ الآن بالاستعداد لتلك اللحظة الحاسمة الخطيرة.

ستسارع إيران، بمجرد ان تبدأ القوات الأميركية المقاتلة في الانسحاب من العراق والتجمع في قواعد ومعسكرات ثابتة خارج جبهة المناوشات اليومية، الى تكثيف وجودها العسكري والاستخباري في هذا البلد، وستسعى تحت لافتة «الفدرالية»، التي نصَّ عليها الدستور العراقي الحالي، الى إقامة كيان مذهبي في مناطق الجنوب، والملاحظ هنا ان هذا الكيان إن قام فعلاً فإنه سيحادد أهم دولتين نفطيتين عربيتين هما الكويت والمملكة العربية السعودية.

ثم والى جانب هذا فإنه غير مضمون أن يبقى هذا الجيش العراقي متماسكاً إذا لم تستغل كل لحظة منذ الآن وحتى عام 2011 لإعادة صياغته وإعادة صياغة الأجهزة الأمنية، وبحيث لا تكون السيطرة لأي مكون سواء سياسياً أو مذهبياً ولا تستطيع أي جهة خارجية أن تحقق الأطماع التي تريدها وتسعى إليها في هذا البلد الذي لا يزال مستقبله كدولة واحدة موحدة معرضا لشتى الاحتمالات وأسوئها.

إن لم يجر الاستعداد جديّاً لتلك اللحظة الحاسمة التي سينسحب فيها الأميركيون من العراق فإن «القاعدة» ستسارع الى ترتيب أوضاعها لبدء القتال بالطريقة السابقة، وستجد من سيفتح لها الحدود مجدداً، كما أنها ستجد عراقيين سيسارعون الى العودة للاحتماء بها في حال بقاء هذا الاستقطاب الطائفي والمذهبي على ما هو عليه الآن.

ربما يرى البعض أن هذا تشاؤماً أكثر من اللزوم وانه لرؤية الوجود جميلاً لابد من ان يكون الإنسان متفائلاً وجميلاً، لكن على هؤلاء ان يدركوا أنه إذا كان هذا جائزا في بعض الأمور فإنه غير جائز في الأمور السياسية، لذلك وإذا لم تتغير إيران الحالية الى إيران أخرى خلال العامين المقبلين، وإذا لم تتغير الأحزاب العراقية وتستبدل الولاء الطائفي والمذهبي والقومي بولاء وطني وعلى أساس العراق الواحد الموحد لجميع أبنائه، وأن جيشه للعراقيين كلهم، فإن الطامة الكبرى قادمة لا محالة!

كاتب وسياسي أردني

back to top