ما بين قمة غزة وأصدقاء لبنان
في منتصف شهر إبريل من العام الماضي... استضافت الكويت مؤتمراً، لوزراء الخارجية تحت شعار «أصدقاء لبنان»، عقد ذلك الاجتماع على هامش مؤتمر دول جوار العراق، واستطاعت الكويت من خلاله احتواء العديد من القضايا العربية المهمة، وأبرزها المحادثات الخاصة بوجهة النظر اللبنانية، في ما يتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية لملء سدة الرئاسة الشاغرة منذ نوفمبر 2006، وفتح المجال للقاء عربي وصفته بعض وكالات الأنباء آنذاك بأنه بالغ الأهمية و«غير رسمي» في آن واحد، حيث تم بدعوة من فرنسا، وشهد لقاء بين مختلف الأطراف العربية وتم، حسب ما ذكرته وكالات الأنباء الفرنسية، من خلاله تجديد الحوار السوري-الفرنسي بشأن لبنان بعد فترة من التوقف، وإبراز وجهة النظر اللبنانية التي تتعلق بالعوائق أمام تنفيذ المبادرة العربية... ومناقشة أهمية تطبيق القرارات المتعلقة بلبنان لدى مجلس الأمن كالقرارين 1559 و1701 وبالتالي إقامة علاقات دبلوماسية لبنانية مع سورية.سرّ نجاح الجهود الكويتية آنذاك هو اهتمام الكويت بنتائج المؤتمرات، وابتعادها بذكاء عن السباق للعب الأدوار الإقليمية في المنطقة... وأقول ذلك بعد أن أمضينا أسبوعا مليئا بالمزايدات على القمم العربية، الصورة التي جسدت الفوضى في الصف العربي.
فنصف العرب اجتمع في قطر والنصف الآخر اجتمع في الرياض، والجميع راهن على نتائج اجتماع الكويت المنعقد على هامش القمة الاقتصادية، إيمانا منهم بفعالية ما يسمى في علم السياسية بـ«القوى الجاذبة المعتدلة- soft power» التي استطاعت الكويت من خلالها مواجهة الخلاف العربي الذي فرض نفسه على أجواء اقتصادية بحتة، استعدت لها بإطلاق «قمة اقتصادية عربية» هي الأولى من نوعها في ظل الأزمة المالية العالمية.وإن سرّ نجاح مؤتمر «أصدقاء لبنان» و«المؤتمر الاقتصادي العربي الأول» هو ابتعاد الكويت عن المزاحمة في احتكار قضايا المنطقة، وتركيزها على مشاركة جميع الدول في صياغة وصنع القرارات والبيانات الخاصة بالشأن العربي... وبالتالي لم ينجح أحد في عرقلة الجهد الكويتي في إعادة توجيه الأنظار نحو ضرورة تحويل خط مسار الجامعة العربية من السياسة إلى الاقتصاد، بعرضها من خلال مؤتمرها فرص التنمية المختلفة: كالأمن الغذائي العربي، وكيفية استيعاب أزمة المال، واتخاذ التدابير الاقتصادية السليمة للتعامل مع مشاريع خصخصة تطوير التعليم، وتنظيم العلاقة بين القطاعين الخاص والحكومي في ظل تعرض القطاع الخاص للمزيد من المخاطر في ظل الأزمة المالية، ومشاريع تنمية الموانئ العربية، والمشاركة في تجارب صناديق الإنماء العربية، وتعاونها لمنح المنفعة الكبرى للدول المتلقية للمساعدة، والكلفة الأقل للدول المانحة، وعوامل الثقة المرتبطة بالاستقرار الأمني.خلاصة القول: في الوقت الذي أخفقت فيه العديد من الدول العربية على الصعيد الدبلوماسي بمواقفها المترددة، وأشعلت الإعلام العربي بالاشتباك اللفظي ارتأت الكويت إطلاق مبادرتها الاقتصادية «بموقف عربي واحد ورؤيا متكاملة»... وهو الشعار الكويتي للمرحلة القادمة.