فصل المقال... في حال بني بنغال!
![حمد نايف العنزي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1461947116815412800/1461947124000/1280x960.jpg)
بماذا يختلف هذا «البنغالي» عن بقية خلق الله؟ ولماذا هذه النزعة الشريرة؟ أهو مخلوق من طينة شيطانية غير طينة البشر؟ أم أن لديه «جيناً» يحفزه على ارتكاب الجرائم وتكسير القوانين ومخالفتها؟!، أبداً، إنه من نفس طينتنا ولا أظن أن لديه جيناً يدفعه إلى الإجرام، كل ما في الأمر، أنه، وبعد أن طحنته ظروفه المعيشية القاسية في بلده، «تسرع» قليلاً وباع كل ما «وراه ودونه»، ثم اقترض المال، ليأتي إلى أرض الأحلام والآمال الكبيرة، تلك التي يسمونها «كويت»، والتي قال له بعض أبناء جلدته إن أهلها «مغفلون» وسيعطونه المال بمجرد أن يقول لهم «السَلامو أليكم»، وأوصوه أن يكثر منها، إن أراد أن يفلح بذاك البلد!لكنه بمجرد وصوله إلى الكويت، اكتشف منذ اللحظة الأولى أنه قد شرب مقلباً كبيراً، وأنه ليس سوى «عبد» عند الشركة التي «استوردته»، والتي جعلته يعيش عيشة أشبه بعيشة الحيوان، مع أفضلية نسبية للحيوان الذي يعيش حراً طليقاً، في حين يعيش هو مكبلاً بقيود «شركة التنظيف» التي تستغل قانون الكفيل الجائر لتمتص دمه وتسلبه حقوقه كلها، وأنه قد يمر عليه الشهر والشهران والثلاثة من دون أن يتسلم فلساً واحداً من راتبه الهزيل، في الوقت الذي ينتظر أولاده وزوجته على أحر من الجمر ما يبعثه لهم من نقود، ليأكلوا ويسددوا ما ترتب عليه من ديَن مستحق، ولذلك كله، ولأن الأمر لا يحتمل التأجيل، عليه أن يشغل عقله ويستخدم «فهلوته» وموهبته الإجرامية، ليجد ما يأكله وما يبعثه إلى أبنائه ليأكلوا، أو ليستعن بـ«السلامو أليكم» إن أعيته الحيلة! قبل أن نلوم هذا البنغالي البائس على قذارته ورائحته النفَّاذة، علينا أن نلوم الشركة التي جعلته يتشارك مع 30 آخرين في شقة ضيقة بها حمام واحد، عليه أن ينتظر فيها أسبوعاً ليصل دوره في الاستحمام! قبل أن نلومه على سرقة أغطية المناهيل ومحابس المياه و«أرايل» السيارات والغطس في حاويات القمامة، علينا أن نتذكر أنه لم يتسلم شيئاً من راتبه الهزيل الذي لا يتجاوز العشرين دينارا «قبل الخصم» منذ شهور، وأنه إنسان يريد أن يعيش كبقية البشر!وقبل أن نلومه على بقية الجرائم التي يرتكبها، علينا أن نتذكر أن هناك من «جعله مجرماً»، وأن الكفيل الذي رماه في الشارع «ليدبر عمره» ويأتيه بـ400 دينار أو أكثر قبل نهاية العام، هو من اضطره إلى هذا السبيل حين ضيَّع حقه في العيش الكريم الشريف.نعم، كثرت جرائم هذه العمالة، ونعم، أصبح التخلص منها مطلباً جماهيرياً، لكن علينا قبل ذلك أن «نداويَها بالتي كانت هي الداء»، وأن نتخلص أولاً من المجرمين الحقيقيين الذين سرقوهم فسرقونا، ظلموهم فظلمونا، غشَوهم فغشونا، نصبوا عليهم فنصبوا علينا، أولئك الذين جعلوا من الاتجار بالبشر سبيلهم إلى الثراء، فإن لم نفعل ذلك، فلن ينفعنا تسفير البنغاليين جميعهم، لأن «نخاسي القرن الواحد والعشرين»، لن تعييهم الحيلة أبداً، وسيجدون دائماً جنسية أخرى يستعبدون أهلها على حسابنا، في ظل تساهل قانوني ورقابة حكومية معدومة!