الكل في الكويت يشتكي من العمالة «البنغالية»، والكل يريد تطهير المجتمع منها اليوم قبل الغد، فهذه العمالة المكروهة من الجميع، امتهن أبناؤها فنون الإجرام كافة على مدى الأعوام الماضية، وقاموا بالعديد من الإنجازات «الوضيعة»، التي نالوا من خلالها احتقار كل مَن يعيش في هذا البلد من المواطنين والمقيمين، بل الزائرين أيضاً!

Ad

من البنغاليين أناس قذرون في ملبسهم، ذوو رائحة مكروهة، سيئون في طباعهم، منحطون في أخلاقهم، قاموا بسلوكيات وجرائم لم يقم بها أحد من الجاليات الأخرى من قبل، فهم أول مَن ابتكر «الغطس المنفرد» في حاويات القمامة، وأول مَن سرق أغطية المناهيل ومحابس المياه، ولهم قدم السبق في اقتلاع «أرايل» السيارات، والريادة في الاستيلاء على كابلات الكهرباء، وهم أمهر مَن تخصص في بيع الأغذية الفاسدة والسلع المسروقة والأفلام الإباحية، كما أن لهم فضل لا ينكره إلا جاحد في خفض أسعار المكالمات الدولية، بعد أن قاموا «شكر الله سعيهم» بسرقة خطوطها، ويحسب لهم المنصفون مساهماتهم العديدة في تصنيع الخمور وتهريب المخدرات و«تموين» أوكار الدعارة، إذ تخصصوا بخدمة توصيل «الخادمات» لسماسرة الجنس من بني جلدتهم، كما يتمتع بعضهم «بسم الله ما شاء الله» بموهبة «الوجه العريض» حيث يستخدمها بكل براعة في التسول «المقنع» عند إشارات المرور، وقد بلغ بعضهم بجده واجتهاده «اللهم لا حسد» مرتبة الاستشاري في الرشوة وسرقة الطوابع الحكومية وتزويرها! كل هذه «المنجزات» جعلتهم بلا شك العمالة الأكثر إجراماً في الكويت، وليس من قبيل المبالغة القول إن ثلاثة أرباع الجرائم التي تنشر على صفحات الجرائد هي من «إبداع» هذه العمالة، وما خفي كان أعظم و«أنيل» وأتعس! والمصيبة بعد هذا كله «وهو أمر لطالما أثار استغرابي وتعجبي»، أنني كلما دخلت بيتاً من بيوت الله للصلاة، وجدت أن أكثر المصلين عن يميني وعن شمالي من هذه الجنسية، يبسملون ويسبّحون ويحوقلون بكل خشوع!

بماذا يختلف هذا «البنغالي» عن بقية خلق الله؟ ولماذا هذه النزعة الشريرة؟ أهو مخلوق من طينة شيطانية غير طينة البشر؟ أم أن لديه «جيناً» يحفزه على ارتكاب الجرائم وتكسير القوانين ومخالفتها؟!، أبداً، إنه من نفس طينتنا ولا أظن أن لديه جيناً يدفعه إلى الإجرام، كل ما في الأمر، أنه، وبعد أن طحنته ظروفه المعيشية القاسية في بلده، «تسرع» قليلاً وباع كل ما «وراه ودونه»، ثم اقترض المال، ليأتي إلى أرض الأحلام والآمال الكبيرة، تلك التي يسمونها «كويت»، والتي قال له بعض أبناء جلدته إن أهلها «مغفلون» وسيعطونه المال بمجرد أن يقول لهم «السَلامو أليكم»، وأوصوه أن يكثر منها، إن أراد أن يفلح بذاك البلد!

لكنه بمجرد وصوله إلى الكويت، اكتشف منذ اللحظة الأولى أنه قد شرب مقلباً كبيراً، وأنه ليس سوى «عبد» عند الشركة التي «استوردته»، والتي جعلته يعيش عيشة أشبه بعيشة الحيوان، مع أفضلية نسبية للحيوان الذي يعيش حراً طليقاً، في حين يعيش هو مكبلاً بقيود «شركة التنظيف» التي تستغل قانون الكفيل الجائر لتمتص دمه وتسلبه حقوقه كلها، وأنه قد يمر عليه الشهر والشهران والثلاثة من دون أن يتسلم فلساً واحداً من راتبه الهزيل، في الوقت الذي ينتظر أولاده وزوجته على أحر من الجمر ما يبعثه لهم من نقود، ليأكلوا ويسددوا ما ترتب عليه من ديَن مستحق، ولذلك كله، ولأن الأمر لا يحتمل التأجيل، عليه أن يشغل عقله ويستخدم «فهلوته» وموهبته الإجرامية، ليجد ما يأكله وما يبعثه إلى أبنائه ليأكلوا، أو ليستعن بـ«السلامو أليكم» إن أعيته الحيلة!

قبل أن نلوم هذا البنغالي البائس على قذارته ورائحته النفَّاذة، علينا أن نلوم الشركة التي جعلته يتشارك مع 30 آخرين في شقة ضيقة بها حمام واحد، عليه أن ينتظر فيها أسبوعاً ليصل دوره في الاستحمام!

قبل أن نلومه على سرقة أغطية المناهيل ومحابس المياه و«أرايل» السيارات والغطس في حاويات القمامة، علينا أن نتذكر أنه لم يتسلم شيئاً من راتبه الهزيل الذي لا يتجاوز العشرين دينارا «قبل الخصم» منذ شهور، وأنه إنسان يريد أن يعيش كبقية البشر!

وقبل أن نلومه على بقية الجرائم التي يرتكبها، علينا أن نتذكر أن هناك من «جعله مجرماً»، وأن الكفيل الذي رماه في الشارع «ليدبر عمره» ويأتيه بـ400 دينار أو أكثر قبل نهاية العام، هو من اضطره إلى هذا السبيل حين ضيَّع حقه في العيش الكريم الشريف.

نعم، كثرت جرائم هذه العمالة، ونعم، أصبح التخلص منها مطلباً جماهيرياً، لكن علينا قبل ذلك أن «نداويَها بالتي كانت هي الداء»، وأن نتخلص أولاً من المجرمين الحقيقيين الذين سرقوهم فسرقونا، ظلموهم فظلمونا، غشَوهم فغشونا، نصبوا عليهم فنصبوا علينا، أولئك الذين جعلوا من الاتجار بالبشر سبيلهم إلى الثراء، فإن لم نفعل ذلك، فلن ينفعنا تسفير البنغاليين جميعهم، لأن «نخاسي القرن الواحد والعشرين»، لن تعييهم الحيلة أبداً، وسيجدون دائماً جنسية أخرى يستعبدون أهلها على حسابنا، في ظل تساهل قانوني ورقابة حكومية معدومة!