إذا كانت كل الكوارث التي تحل بالغرب عقابا إلهيا كما يردد الإسلاميون فهل كانت زلازل وفيضانات تركيا وإيران وبنغلاديش ومصر وأفغانسان غضبا ربانيا؟! وماذا عن الزلزال المدمر الذي ضرب باكستان الإسلامية وما أحدثه من موت جماعي لأكثر من 20 ألف باكستاني وتشريد مئات الألوف، وغيرها الكثير... هل كان عقابا من الله؟
كلما حدثت كارثة طبيعية أو غير طبيعية خرج علينا المتفيقهون وشيوخ «تباً لكم» مبشرين مهللين مهنئين منتشين شامتين بكل كارثة تحل بالغرب «الكافر»، مرجعين تفسير هذه الكارثة لأسباب الفساد والضلال والانحلال، فهي عقاب من الله ينزله على العاصين المارقين، مؤكدين صواب منطقهم وضرورة تبني العالم لفكرهم إن أراد إيثار السلامة والخلاص! متناسين مظالم المتطرفين والإرهابيين وما ألحقوه من خراب ودمار للعالم!وها هو وباء إنفلونزا الخنازير يأتي لهم على طبق من فضة ليعبروا عن مكنون حقدهم وكراهيتهم ورغبتهم في الانتقام من الغرب أو أي آخر مختلف عنهم، هذا الغرب الذي وقف يوما ما بجانبهم وأنقذهم من «كارثة الغزو العراقي» فهل كانت تلك الكارثة عقابا هي الأخرى؟ أم أنها ابتلاء من الله؟ هذا الغرب المتسامح الذي يهب مسرعا لمساعدة الإنسان والبشرية بغض النظر عن المعتقد والدين دون تشفٍّ أو شماتة، بل بحس إنساني راقٍ، ليقيموا المظاهرات والاحتجاجات ويجمعوا التبرعات ويديروا الأزمات ويجيشوا الهيئات والمنظمات الدولية في مساعدة وعون المنكوبين والمصابين، فالإنسان عندهم هو الإنسان أيا كان وفي أي مكان، يحزنون لحزنه ويتألمون لألمه ويأسفون لكل كارثة تحدث له. وإذا كانت الأزمة المالية، التي فرح المتأسلمون بها وانتشوا (بالرغم من تأثر المؤسسات الإسلامية بها)، وكارثة تسونامي التي راح ضحيتها مئات الآلاف من الفقراء والأطفال الذين لا دخل لهم ولا ذنب بما يدعون من فسق وفجور، بالإضافة إلى الكوارث الأخرى التي تعالت بها تبريكات وتهليلات مدعي «الفئة الناجية»، إذا كانت كل هذه الكوارث عقابا إلهيا كما يرددون، فهل كان الحريق الذي شب في خيام الحجيج في مكة قبل سنوات عدة غضبا إلهيا؟ وهل انهيار جسر المشاة في المدينة الذي أودى بحياة عدد من الحجاج عقاب رباني؟ وهل المأساة الفلسطينية وتشريد الفلسطينيين والمجازر التي ارتكبتها إسرائيل وآخرها مجزرة غزة وما حدث فيها من وحشية وإبادة للأطفال والنساء والرجال والشيوخ هي عقاب إلهي كذلك؟ وهل ما يحدث لفئة البدون المعذبة في الكويت هي عقاب جماعي؟ وهل كانت زلازل وفيضانات تركيا وإيران وبنغلاديش ومصر وأفغانسان غضبا ربانيا؟! وماذا عن الزلزال المدمر الذي ضرب باكستان الإسلامية وما أحدثه من موت جماعي لأكثر من 20 ألف باكستاني وتشريد مئات الألوف، وغيرها الكثير... هل كان عقابا من الله؟بل هي الذهنية الرغبوية السطحية المعتمدة على التأويل والتحليل الغيبي الخاضع لرغبات الذات والبعيدة كل البعد عن النهج الموضوعي، حيث تبشر في كل كارثة بسقوط الغرب وبنهوض الأمة، إذ لا يمكن أن تنهض دون سقوطها، وهي ذهنية لا تنمو ولا تترعرع إلا في مجتمع هش متهالك، حيث ينتشر الجهل والخرافة والتعصب والعنصرية واحتقار الآخر، فهم يضعون أنفسهم مكان الخالق، ليفسروا إرادته ومشيئته حسب أهوائهم ورغبتهم، وهو تعالى أكبر وأعدل من تفسيراتهم الانتقامية. كل هذه الكوارث والفواجع تفطر القلوب وتدميها لا سيما كوارث الدول الإسلامية والعربية، إذ هي أكثر بكثير وعدد ضحاياها أكبر بكثير من ضحايا كوارث الغرب، وأخطر تلك الكوارث هي كارثة العقل ونكسة الأخلاق وأزمة المبادئ والضمير وموت الشعور الإنساني. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
مقالات
ابتلاء... أم عقاب من الله؟
04-05-2009