إذا ما استمررنا على نفس معدل الزيادة السنوية الحالية للعمالة الوافدة، فمن المتوقع أن يصبح المواطنون هم الأقلية الأصغر عددا من بين أقليات كثيرة غير متجانسة يتكون منها سكان الكويت!

Ad

في إحصائية حديثة لوزارة الداخلية أشارت لها صحيفة «القبس» في عددها الصادر بتاريخ 21- 9- 2008 تبين أن عدد خدم المنازل هو 550 ألفا، أي ما يعادل نصف عدد المواطنين! وهذا دليل آخر جديد يبين جزءا من الخلل المزمن في التركيبة السكانية حيث يتناقص عدد المواطنين سنة بعد أخرى لمصلحة عمالة هامشية لا تستفيد البلاد منها شيئا، بل على العكس فإن مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأخلاقية والأمنية والثقافية أكثر من أن تحصى. والأدهى والأمر أنه إذا ما استمررنا على نفس معدل الزيادة السنوية الحالية للعمالة الوافدة، فمن المتوقع أن يصبح المواطنون هم الأقلية الأصغر عددا من بين أقليات كثيرة غير متجانسة يتكون منها سكان الكويت!.

ليس هذا فحسب، بل إن الخلل موجود أيضا في مكونات هذه «الأقلية الكويتية» الصغيرة، حيث إن فئة الشباب مثلا هي الفئة الغالبة فيها، وهذا بدوره يتطلب سياسات معينة مرنة مثل سياسة التوظيف وسياسة الإسكان وغيرهما.

أما بالنسبة للعمالة الوافدة المكونة من أقليات كثيرة غير متجانسة، بعضها يمثل ضعف عدد السكان الكويتيين فإنه يكفي أن نعرف أن الجزء الأكبر منها هو عمالة هامشية كعمال التنظيف وخدم المنازل، لذا فلنا أن نتصور حجم الأعباء التى تتحملها الدولة من توفير خدمات عامة وطرق ومواصلات ورعاية صحية وتعليمية وغيرها مقابل لا شيء يذكر من الفائدة التي يجنيها الاقتصاد الوطني من وجود هذه العمالة غير المنتجة.

وإذا ما عرفنا أيضا أن الأغلبية الطاغية من هذه العمالة الهامشية غير المنتجة هم من العزاب الشباب المعدمين أو قليلي التحصيل العلمي الذين يعيشون في ظروف معيشية صعبة بينت بعضها الإضرابات وأعمال الشغب التي جرت أخيرا، فلنا أن نتوقع نوعية المشاكل الأخلاقية والسلوكية والاجتماعية التي تنتج عن ذلك. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هنا هو: ترى هل نحتاج لكل هذا العدد المتزايد من العمالة الهامشية؟ أم أنه بالإمكان اتباع سياسات عامة رشيدة تقلل تدريجيا من الاعتماد على هذه العمالة غير المنتجة؟

بالطبع، فإن الجواب بسيط، وهو أننا بالتأكيد لا نحتاج إلى هذه الأعداد الكبيرة، وبالإمكان رسم سياسة عامة متوازنة لاستقدام واستخدام العمالة الوافدة عامة والعمالة المنزلية والهامشية خاصة تقلل منها تدريجيا باتجاه الاستغناء عنها كليا بعد فترة من الزمن. لذلك فإنه من المستغرب حقا أن الحكومة تعمل من دون وجود سياسة واضحة تحافظ على التركيبة السكانية المتوازنة رغم المؤشرات الخطيرة التي تبينها الإحصاءات الرسمية، ورغم المشاكل الكثيرة الظاهرة للعمالة الهامشية، والتي توضحها السجلات الرسمية للجهات الحكومية المختلفة كوزارات الداخلية والشؤون والصحة وغيرها.

هل لمافيا الإقامات دور هنا؟ ربما. وهل تستطيع الحكومة القضاء على تجارة الإقامات التى تقودها «مافيا» منظمة متورط فيها بعض النواب والمتنفذين وبعض القياديين الحكوميين؟ لا نستطيع أن نجيب عن هذا السؤال قبل الاطلاع على السياسات العامة الجديدة المتعلقة باستقدام واستخدام العمالة الوافدة التي سيتضمنها برنامج التنمية الذي تعد الحكومة بتقديمه قريبا لنرى كيف ستتصدى لمعالجة الخلل الواضح والمزمن في التركيبة السكانية. وعندئذ سيكون لنا وقفات أخرى.