يقع منزلي في مركز مثلث من ثلاثة مساجد كبيرة يقع الواحد منها على بعد شارع من الآخر، ويتنافس مؤذنو المساجد بثلاث لهجات مختلفة (العربية ليست أياً منها) عند كل أذان لجذب المصلين، وفي النهاية ينجح أفضلهم في استقطاب ما لا يزيد على 10 مصلين أكثر من نصفهم من العزاب غير العرب الذين يأتون ليحصلوا على وجبة ساخنة بعد الصلاة من المنازل المحيطة التي تتولى رعايتهم يوميا. في حين يفوق حجم عائلة المؤذن أو الإمام التي تقطن المسجد على حساب الدولة عدد المصلين.

Ad

أما صلاة الجمعة فلا أتمناها حتى «لبعض الناس»... فالخطب بلغات ولهجات غريبة باستثناء بعض الحالات التي يتحمس فيها أحد الكويتيين ليقدم خطبة أصولية ومتطرفة لا تمت بصلة لدستور الكويت وسياستها العامة أو حتى تعليمات وزارة الأوقاف بخصوص موضوعات الخطب.

هذه ثلاث أراضٍ ضائعة وغير مستغلة في قطعة واحدة في منطقة واحدة من مناطق الكويت... هل يمكنك تصور عدد وحجم الأراضي الضائعة في كل مناطق الكويت على مساجد لا تؤوي سوى العمالة الهامشية والمتطرفين؟ أضف إلى ذلك المئات من المساجد غير القانونية واللاشرعية التي بُنيت دون إذن على أملاك الدولة. هذا في الوقت الذي يهيم فيه الشباب في الشوارع دون مراكز أو أندية أو حدائق تحويهم، وفي الظروف التي تدفع بأكثر من ثلاثة أجيال إلى السكن في نفس المنزل لشح الأراضي وارتفاع أسعارها، وفي الزمن الذي تشتكي أغلب مناطق الكويت الخارجية من قلة الخدمات الرئيسة كالمدارس والمستوصفات ومراكز خدمات المواطنين.

منطقياً لا حاجة إلى أكثر من مسجد لكل قطعة (إن لم يكن لكل منطقة)، فلا عدد المصلين ولا بُعد المسافات يستحق أكثر من ذلك، بل العكس، بُعد المسافة فيه ثواب أكثر للمصلي الذي يضطر لأخذ بضع خطوات أكثر للوصول إلى المسجد، كما أن جمع أكبر عدد من المصلين في مسجد واحد يزيد من فضائل صلاة الجماعة وخطبة الجمعة.

هذا بالإضافة إلى الفوائد الإدارية لوزارة الأوقاف من حيث الميزانية والرقابة والمتابعة والتوظيف لعدد أقل من المساجد، ومن يود بناء مسجد للثواب فالأحرى به التبرع بماء سبيل أو حفر بئر أو بناء مدرسة في إحىد دول العالم الثالث التي هي بأمس الحاجة لماله وخيره.

كنت أتمنى أن أسمع صوت النائب هايف يدعو إلى بناء مراكز للشباب في منطقته، أو أراه يسعى إلى حديقة تمده وجماعته بالأكسجين بدلاً من تلوث المصانع التي تحيطهم. أو يحارب الأمية والتسرب الدراسي أو أي من الأمراض الحقيقية لمجتمعنا.

كنت آمل أن أراه نائب الحق الذي يدعم الدستور ويشد من أزر من يطبق القانون، ولكنه للأسف لا يظهر على الساحة إلا في قضاياه الخاصة والسطحية، فلا يستفد من تلك المساجد غير الهوامش ومَن دار في فلكهم «لمآرب أخرى»... «إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ».