في بداية كل عام ينشط الفلكيون، وقارئو الكف، وغيرهم، في نشر توقعاتهم، وهي كما يبدو تجارة رابحة، وحيث إن الناس يحبون معرفة المستقبل فإنهم لا يحاسبون اولئك المتنبئين على الاخطاء الفادحة التي ارتكبوها، لكن المسألة تصبح اسوأ واكثر مأساوية عندما تأتي نتائج توقعات المختصين عكس ما توقعوه. وهنا نذكر جملة توقعات جاءت على لسان مختصين ماليين وسياسيين اميركان والنتيجة النهائية لذلك التوقع، كما وصفتها «ياهو نيوز» مما جعل سنة 2008 من اسوأ الاعوام في حدوث عكس التوقعات.
1 - تنبأ ريتشارد باند رئيس تحرير «بي آي إل» في 27 مارس 2008 بأن السوق المالي سيشهد صعودا كبيرا وقويا.النتيجة: وقت توقعه كان معدل الداو جونز 12300 نقطة، اما في اواخر ديسمبر فقد اصبح 8500 نقطة، خوش صعود.2 - اكدت «أي آي جي نيوز» في 9 مايو 2008 ان شركة أي آي جي ستحصل على ارباح كبيرة في الربع الثاني من السنة، للعلم الشركة هي اكبر شركة تأمين في العالم.النتيجة: خسرت الشركة في الربع الثاني 5 مليارات دولار وخسرت 25 مليارا في الربع الثالث، وظلت تخسر حتى اضطرت الحكومة الاميركية الى الاستحواذ عليها، بل انه بات مقررا ان تنفق الحكومة اكثر من 150 مليارا لتعويم الشركة، خوش ارباح.3 - اكد بارني فرانك رئيس اللجنة المالية في الكونغرس الاميركي في 14 يوليو 2008 أنه لا خوف على شركتي فريدي ماك وفاني ماي، عملاقي الرهن العقاري، مشددا على ان الشركتين ماضيتان للامام من نجاح الى نجاح بكل ثقة.النتيجة: بعد شهرين فقط من ذلك التصريح اضطرت الحكومة الى اجبار الشركتين على تسليم مفاتيحهما للدولة، وتعهدت بإنفاق مائة مليار دولار على كل منهما، خوش امام لـ«فريدي» وخوش نجاح لـ«فاني».4 - أكد الرئيس جورج بوش في خطاب له بتاريخ 14 مارس 2008 نصا أن «السوق في طريقه الى تصحيح نفسه».النتيجة: منذ ذلك التاريخ الذي تحدث فيه الرئيس بوش فقد ظل السوق يصحح ويصحح ويصحح ومازال يصحح حتى طاح بالحفرة، خوش تصحيح.5 - رفض جيم كرايمر، وهو خبير اقتصادي ومالي معروف بتاريخ 21 مارس 2008، أن يكون مصرف «بيرستيرنز» يعاني اي مشاكل، وكان رفضه ذاك شديدا لدرجة انه كررها ثلاثا «نو، نو، نو».النتيجة: بعد خمسة ايام فقط من «النوات» الثلاث، انهار مصرف «بيرستيرنز»، وقام «جي بي مورغان تشيز» بالاستيلاء عليه بمساعدة الحكومة لدرجة شطب المساهمين تقريبا، خوش نو.6 - أكدت المؤسسة الوطنية للعقار بتاريخ 9 ديسمبر 2007 ان مبيعات المساكن ستتجه نحو الارتفاع في 2008.النتيجة: اعلنتها نفس المؤسسة في 23 ديسمبر 2008 وهي انه في نوفمبر 2008 انخفضت المبيعات بنسبة 11 في المئة في أسوأ انخفاض منذ الكساد العظيم، خوش مؤسسة.7 - أما موضوع النفط فقد اكد الخبير تي بون بيكنز بتاريخ 20 يونيو 2008 أنه يعتقد أن اسعار النفط ستتجاوز 150 دولارا للبرميل بنهاية السنة.النتيجة: عندما صرح الخبير بيكنز كان سعر النفط 135 دولارا للبرميل، وفي نهاية ديسمبر وصل الى اقل من 40 دولارا، خوش اعتقاد.8 - والآن مع المصرفي الاول بين بيرناك رئيس الاحتياطي الفدرالي الاميركي، حيث اكد بكل ثقة بتاريخ 28 فبراير 2008 أنه لا يتوقع اي مشاكل جدية تواجه البنوك الكبرى «التي تشكل جزءا رئيسيا من نظامنا المصرفي» كما قال.النتيجة: سقطت في سبتمبر «واشنطن ميوثوال»، وكانت أكبر مؤسسة مالية تسقط في تاريخ الولايات المتحدة، وتبعها عملاق آخر في نوفمبر وهو مصرف سيتي غروب الذي احتاج الى خطة انقاذ تعد الأضخم، خوش مشاكل جدية.9 - أما بيرنارد مادوف، وهو من تلاعب واختلس ما يزيد على 50 مليار دولار، فقد كان له تصريح لذيذ، سلس، حيث أكد كفاءة اللوائح والنظم المعمول بها في اميركا، قائلا: «من المستحيل خرق القوانين المنظمة في اميركا»، كان ذلك التصريح بتاريخ 20 اكتوبر 2007.النتيجة: «بعد سنة تقريبا من ذلك التاريخ اتضح أن بيرني مادوف قد تلاعب واختلس اكثر من 50 مليار دولار من أموال عملائه الذين استثمروا في صندوق بونزي الذي اسسه مادوف. بالمناسبة مادوف يهودي وكان أكثر الذين نصب عليهم من اليهود، خوش لوائح وخوش اختراق.10 - في ديسمبر 2007 اصدر الكاتب اليميني المعروف شلبي ستيل كتابا عنوانه الفرعي يقول: «... لماذا لا يمكن لأوباما أن يفوز؟».النتيجة: طبعا الجميع يعرف أن الذي فاز هو جورج بوش بأسوأ نسبة شعبية، أما اوباما فقد اصبح رئيسا.لو أردنا ان نحاسب مسؤولينا وخبراءنا على توقعاتهم وتعهداتهم و«سوفياتهم»، ولو أردنا أن نطبق ذات المعيار على أوضاعنا فما النتائج التي سنصل اليها يا ترى؟!نترك الأمر لخيالكم وتوقعاتكم، وكل عام وانتم بخير.
أخر كلام
2008 أسوأ عام في التوقعات!
01-01-2009