يسألني: ما رأيك في الزمن؟

Ad

قلت: زمن أغبر.

يسخر من جوابي: أنا أقصد مفهوم الزمن عند أينشتاين.

أتساءل: ما هو الفرق بين الزمن عندنا والزمن عند أينشتاين؟

يرد: هناك فرق كبير... فالزمن نسبي عند أينشتاين أما عندنا فهو أمر بديهي ثابت... اكتشف أينشتاين بعبقرية أن الزمن بعد أساسي رابع كأبعاد الارتفاع والطول والعرض... وبالتالي يمكن له أن يسير إلى الأمام والخلف وبذلك يعتبر الزمن نسبياً. فالماضي والحاضر والمستقبل عند أينشتاين «ليس سوى وهم في تفكير العقل البشري».

أرد: ما هذه السفسطة؟... كيف يكون الزمن نسبياً؟ لا أجد منطقا في كلامك.

يجيب: اعتاد الناس على فهم الزمن على أساس الثانية والدقيقة والساعة والشهر والسنة... أما عند أينشتاين فالزمان والمكان هما شيء واحد هو «الزمكان»... وقد ألِفَ الناس فصلهما كحقيقة مطلقة... قد يبدو ما توصل إليه أينشتاين (صاحب الشعر المنكوش والبنطال الفضفاض والذي كان يعاني صعوبة في الاستيعاب في صغره)، قبل مئة عام، سخيفاً في ذلك الوقت، ولكنه قد يكون معقولاً اليوم وممكن التنفيذ في المستقبل عندما تتغير ظروف وشروط الزمكان... و«الزمكان» هنا حسب مفهوم أينشتاين هو القدرة على السفر عبر الزمان والمكان في آن واحد.

أقاطعه باستغراب: السفر عبر الزمان والمكان... ألا تعتقد أنه ضربٌ من الخيال أو قصة من قصص الأفلام الأميركية؟

يكمل: لا لست أبلهاً أنا أتكلم عن تفسير علمي... فبعض النجوم التي نرى ضوءها اليوم تبعد عنا حوالي 500 مليون سنة ضوئية، أي أن الضوء المنبعث منها يصلنا بعد ملايين السنين الضوئية... وما نراه اليوم من ضوء هو ماضي هذه النجوم التي قد تكون اختفت وتلاشت... أي ربما لا يكون لها وجود الآن... لذا توصل أينشتاين إلى أن الزمن يتمدد وينكمش... فالسنة على كوكب عطارد ثلاثة أشهر بينما السنة على كوكب بلوتو فهي 248 سنة من وقت أرضنا. وأنت لو سافرت مثلا إلى نجم يبعد عن الأرض سنة ضوئية واحدة فرحلة عامين من الذهاب والعودة إلى الأرض ستستغرق نصف قرن من زمن الأرض. كل هذا يبدو منطقيا ومثاليا لولا مشكلة واحدة، وهي عدم مقدرتنا القيام بهذه الرحلة أصلاً... كونها تتطلب طاقة هائلة مستحيلة.

أرد في محاولة للتذاكي: إذا كانت هذه القوانين كلها غير مجربة وغير مثبتة لماذا نتعب أنفسنا بأمور عبثية مستحيلة؟

يجيب: أينشتاين يقول «كلما اقتربت القوانين من الواقع أصبحت غير ثابتة، وكلما اقتربت من الثبات أصبحت غير واقعية».

أعلق باستغراب: يا سيدي أنت تفكر في أمور مستحيلة وأسئلة كونية كبيرة لم تحل بعد... ونحن نعاني اليوم على الأرض أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية طاحنة ومدمرة.

يجيب بابتسامة: لا تجزعي يا سيدتي لا يوجد شيء اسمه مستحيل... علينا أن نغير مفاهيم حقائق أرضنا المطلقة الظاهرة كضوء النجوم المتلألئة وهي في الواقع محض وهم... كما قلب أينشتاين مفاهيم الكون والزمان والمكان والطاقة والحركة والمادة والكتلة حتى يتحقق ذلك المستحيل.

أرد بغضب: أن نسافر للماضي؟... مستحيل!

يرد: ألا تعتقدين أننا نعيش في الماضي؟