الطريق الصحيح إلى السيارات الكهربائية

نشر في 24-05-2009
آخر تحديث 24-05-2009 | 00:01
 بروجيكت سنديكيت لقد أصبح الحماس بشأن السيارات الكهربائية متوفراً إلى حد كبير في أيامنا هذه، ولكن علينا أن نضع في حسباننا ذلك العدد الهائل من السيارات الموجودة بالفعل والتي تعمل بحرق البنزين: حوالي 850 مليون سيارة على مستوى العالم. سيستغرق الأمر أعواماً من بيع السيارة الجديدة لتقليص ذلك الرقم. في مستهل الأمر كانت هذه الحقيقة سبباً في إحباط جيري رازانين، وهو مسؤول حكومي في هلسنكي- ولكنها أعطته هو ورفاقه فكرة جيدة. لم لا نحتفظ بالسيارات ولكن نستبدل محركاتها؟

إن هذه الفكرة من شأنها أن تحل الكثير من المشاكل، ليس فقط ابتداءً بالقاعدة القائمة من السيارات، بل أيضاً بالقاعدة القائمة من شركات تصنيع السيارات. ورغم أن العديد منها تمر بمتاعب، فقد لا يكون هذا هو الوقت الأمثل أيضاً لإنشاء شركة سيارات جديدة. ولكن رغم تباطؤ سوق السيارات الجديدة بشكل كبير، فقد يكون الوقت ملائماً لبداية مشروع لتبديل محركات البنزين بمحركات كهربائية جديدة. إن المبادرة التي تقوم بها هذه المجموعة تحت قيادة رازانين تسمى eCars - Now!. وهي عبارة عن مشروع صغير في فنلندا، وهي ليست شركة بالمعنى المفهوم، بل إنها في الواقع تشكل نموذجاً من المفترض أن تحاكيه الشركات التي يأمل الفريق أن تنتشر في أنحاء العالم المختلفة.

وبالاستعارة من حركة البرمجيات المفتوحة (open-software)، فإن رازانين ورفاقه يريدون تقديم الفكرة والتصميم الأساسي إلى العالم بلا مقابل، وتشجيع العديد من الشركات في أنحاء العالم جميعها على تنفيذ هذا التصميم محلياً. وستقوم بعض الشركات بتصنيع البطاريات أو المحركات الكهربائية أو مجموعات التعديل؛ وستتولى شركات أخرى تزويد السيارات العاملة بحرق البنزين بالمحركات الجديدة- وهي فرصة عظيمة لخلق فرص العمل لعمال السيارات العاطلين عن العمل. وتأمل مبادرة eCars- Now! في تعزيز نظام بيئي من عمال خدمة السيارات وصانعي قطع الغيار أشبه بالنظام الذي يحكم مبرمجي مبادرة البرمجيات المفتوحة ومكونات الحاسب الآلي. بطبيعة الحال، تنتهي أوجه الشبه عند نقطة ما، وذلك لأن البطاريات والمحركات ليست معادلاً لأجهزة الحاسب الشخصي، ولكن طبيعة المشاركين متماثلة إلى حد كبير.

بدأ رازانين وفريقه بقياس الطلب المحتمل على السيارات الكهربائية في فنلندا. يقول رازانين: «لم يقم أحد بمثل هذه المهمة في فنلندا من قبل، ولقد قررنا أننا لو استطعنا إثارة اهتمام خمسمئة شخص بالسيارة الجديدة المحولة، فقد نستطيع إثبات جدوى تبني مخطط لتحويل السيارات على نطاق واسع».

استغرق فريق eCars- Now! أحد عشر يوماً فقط لجمع تواقيع خمسمئة من الزبائن المهتمين. ولا شك أن هؤلاء الزبائن المحتملين أبدوا اهتمامهم فحسب؛ ولكنهم لم يرسلوا أي أموال. ولكن موقع الشركة مستمر في اجتذاب المزيد من الزبائن المحتملين، حيث سجل حوالي ألف شخص الآن أنفسهم باعتبارهم مشترين محتملين أو مؤكدين لسيارة من هذا القبيل.

ولقد التمس هذا الموقع المشورة بشأن السيارات القابلة للتحويل. وكانت سيارة «تويوتا- كورولا» هي الاختيار الأول- وهذا ليس بالأمر المستغرب لأنه الموديل الأكثر رواجاً في فنلندا (حيث يستحوذ على 7% من السوق).

وبعد خمسة عشر شهراً فقط، وبالتحديد في شهر مايو من هذا العام، ظهر أول موديل تجريبي من سيارة «كورولا» مزوداً بمحرك من تصميم شركة «أزور ديناميكس» التي تتخذ من ديترويت مقراً لها، ظهر في معرض السيارات الكهربائية التجاري في ستافانجر بالنرويج.

تُـرى ماذا قد يتطلب الأمر لإنجاح هذه الفكرة؟ نستطيع أن نقول إن الفكرة ناجحة بالفعل إلى درجة ما- من خلال انتشارها. وقد تنجح الجهود المحلية أو تفشل استناداً إلى موهبة المنفذين المحليين. ففي إيطاليا أقام المخترع الإيطالي روبرتو فيتزي مشروعاً مماثلاً، ولقد انضم الآن إلى مبادرة eCars- Now!، وسيتم تطوير سيارته، التي أطلق عليها eSmart، بواسطة البرنامج نفسه الذي صُـمم لتطوير السيارة في eCorolla فنلندا.

ويقول رازانين إن مبادرات أخرى مماثلة نشأت في الدنمارك، ولاتفيا، وإسبانيا، وتركيا. والآن تبحث المجموعة عن مُـصَنِع/مُـجَمِع أولي لمجموعات التعديل. وفي الوقت نفسه ستمر السيارة eCorolla والسيارة eSmart بمرحلة الاختبارات.

الحقيقة أن الجدوى الاقتصادية من هذه المبادرات معقولة إلى حد كبير. فإذا ما أنتجت مجموعات التعديل الكاملة على نطاق واسع، فإن المجموعة الواحدة ستتكلف حوالي عشرين ألف دولار، بما في ذلك تكاليف التوزيع وهامش الربح. ويستغرق الأمر حوالي ثماني ساعات من عاملين محترفين في مرأب سيارات جيد التجهيز لتركيب هذه المجموعة، أو أقل من أسبوع من مالك السيارة نفسه (أو كما يقولون، أسبوعين إذا قامت زوجة المالك- أو زوج المالكة- بمساعدته). وهذا أقل كثيراً من تكاليف شراء سيارة جديدة- خصوصاً إذا كانت سيارة كهربائية.

غير أن الفائدة الاقتصادية الحقيقية تكمن في التوفير الذي سيتسنى بعد ذلك. لا شك أن الكثير سيتوقف على مدى إتاحة محطات الشحن المناسبة، ولكنها بدأت في الظهور على كل حال. إن هذا المشروع يعمل على تحليل صناعة السيارات إلى عناصرها المختلفة- وربما على نحو أكثر فعّالية مما تقوم به الحكومة الأميركية في ديترويت. ففي فنلندا على الأقل لن تحتاج من الحكومة إلا إلى شهادة فحص، وهي تتكلف حوالي مئة يورو (135 دولاراً).

إذا سار كل شيء على مايرام فستظهر مجموعة من صانعي محركات السيارات الكهربائية ومجموعات التعديل، الذين سيخدمون أسواقاً مختلفة من مالكي السيارات الموجودين. وسيعمل الموزعون والميكانيكيون على تركيب البطاريات، ويشتمل هذا على نشوء هيئة جديدة من العاملين المكرسين (بشكل غير مباشر) لتنظيف البيئة وإضافة القيمة للقاعدة القائمة من السيارات.

وتستطيع أي حكومة تتمتع ببعد النظر أن تساعد في هذه الجهود، ليس بدعمها ولكن بشراء محركات البنزين القديمة. وهذا يشكل حافزاً بالنسبة لشركات التعديل، بينما تعمل المنافسة من أجل الفوز بالمستهلكين، وليس الفوز بالدعم، على تشجيع مقدمي الخدمة المختلفين على رفع الكفاءة. (في الوقت الحالي تخطط حكومات أوروبية عدة لشراء وتدمير السيارات القديمة؛ والحقيقة أن الاستعاضة عن ذلك بخطة لشراء محركات البنزين من المالكين أكثر جدوى من حيث تخفيض التكاليف والحفاظ على العديد من هياكل السيارات التي مازالت تعمل على مايرام).

كان مثل هذا المشروع ليبدو وهمياً منذ بضعة أعوام، ولكنه الآن يناسب وقته تماماً. فهو يشكل جهداً متواضعاً في عالم يمر بحالة من الركود العميق. فضلاً عن ذلك فالمشروع رحيم بالطاقة والبيئة في وقت بلغت فيه المخاوف بشأن الاحتباس الحراري العالمي في أوجها. كما يأتي هذا المشروع في وقت أصبح العالم فيه متشككاً في وعود زعمائه على نحو متزايد، وأصبح الناس مدركين لضرورة مساعدة أنفسهم بأنفسهم. إن كنت تريد أن تؤسس شركة لتصنيع المحركات الكهربائية، أو تريد أن تتعلم كيف تقوم بإحلال محرك البنزين، أو تريد ببساطة أن تعرف ماذا يتعين عليك أن تفعل بسيارتك، فيمكنك زيارة هذا الموقع على شبكة الإنترنت: (www.ecars-now.org). قد لا تكون الحلول الجاهزة لهذه المسألة متوفرة إلا في فنلندا، ولكن هذا هو بيت القصيد: فالفرصة متاحة لأي شخص لتأسيس نسخة محلية من هذا المشروع. وأول الغيث قطرة.

* إستير دايسون ، رئيسة شركة EDventure القابضة، وهي مستثمرة نشطة في مجموعة متنوعة من المشاريع الناشئة في أنحاء العالم المختلفة.

«بروجيكت سنديكيت» بالاتفاق مع «الجريدة»

back to top