أمين السياسات وحزب خذ وهات
الإصلاح ليس الذي يدعو إلى صدام مع عالم خارجي كما تهكمت وسخرت، ولكنه إصلاح يدعو إلى سلام مع نظام داخلي بديل عن السجون والمعتقلات، ولكن كيف أحدّثك عن الإصلاح وأطالبك به وأنت غير قادر على إصلاح لجنة شُرفتْ برئاستك؟ التعبير الخريفي الأشهر على ألسنة المصريين بمناسبة عقد مؤتمر الحزب الوطني في هذا الوقت من كل عام هو المثل الشائع «تيتي تيتي زي ما رحتي زي ما جيتي»، فلم يعد في انعقاد المؤتمر ولا افتتاحه ولا متابعة جلساته ما يدفع المواطن للاهتمام به، فمعلوم سلفاً ما يقال فيه ابتداء وانتهاء، لذلك كان اهتمام الشعب بكل طوائفه بمباراة نهائي إفريقيا أكبر من اهتمامه بمتابعة خطاب رئيس المؤتمر! نفس الحديث يتكرر كل عام... بيانات وأرقام مضللة، وعبارات جوفاء صماء، وحديث ممل معاد، وصراعات داخلية بين شخصيات مرفوضة شعبيا، هذه هي حال المؤتمر كل عام، ولكن في هذا العام كان هناك جديد، وليته ما كان، فقد كان فيه نبرة الصلف والغرور والتحدي والتعالي التي تحدّث بها سيادة أمين لجنة السياسات، وإذا كان حديثه هذا مقبولا من البعض عند اجتماعه بهم في لجنته الخاصة فليس مقبولا في حديثه مع الشعب، ولو كان ذلك في مقابل حسم الصراع داخل الحزب لمصلحته فهذا أيضا مرفوض، وكالعادة اختص سيادته المعارضة بهجومه الأجوف وصراخه العالي، واتخذ من الدعوة للإصلاح منطلقا لهجومه الكاسح متسائلا ببراءة ماذا يريدون؟ وما الإصلاح الذي يطالبون به؟ دعني أُجبك بصراحة كمواطن بسيط وليس كمعارض سياسي، أُجبك بحديث الملايين في كل مكان من أبناء الشعب المصري الذي لا تعرف عنه شيئا، أُجبك بكلمة واحدة وهي الخلاص... الإصلاح المطلوب هو الخلاص من نظام حكم فاسد سمح للمفسدين والمرتشين واللصوص بسرقة أقوات الشعب... نظام حكم يتمنى المصريون أن يستيقظوا ذات يوم وقد انتهى الكابوس الذي أزهق أحلامهم، وبصراحة أكثر فإن بداية الإصلاح هي رحيلك عن الحزب وابتعادك عن العمل السياسي، رحيلك وجماعتك الفاسدة التي استباحت ثروات البلد، وجعلته إرثا خاصا بها تصرفه على الغانيات الفاتنات... الإصلاح أن ترحل ورفاقك الذين احتكروا السلع واستغلوا حاجة الشعب لنهبه... الإصلاح أن تعود للمواطن كرامته التي فقدها في طابور الخبز، وللطالب حقه الذي ضاع في أروقة المدارس ومدرجات الجامعة... أن تعود للأب مكانته المسلوبة لعدم قدرته على تلبية مطالب أولاده وللمرأة منزلتها، ليس بقانون ولا تشريع بل بقدرتها على تهيئة الجو الإنساني الحميم داخل الأسرة، بدلا من عملها صباح مساء لتساعد في الإنفاق على أسرتها. نعم ليس الإصلاح الذي يدعو إلى صدام مع عالم خارجي كما تهكمت وسخرت، ولكنه إصلاح يدعو إلى سلام مع نظام داخلي بديل عن السجون والمعتقلات، ولكن كيف أحدّثك عن الإصلاح وأطالبك به وأنت غير قادر على إصلاح لجنة شُرفتْ برئاستك؟ وكيف تسعى إلى إصلاح بلد وأنت لا تستطيع أن تصلح مجموعة أفراد في لجنة هي عنوان دائم للفساد واستغلال النفوذ، فأعضاء لجنتك إما متهمون يحاكمون أمام القضاء وإما محكومون خلف الأسوار. لا أريد الإطالة ولكن الحديث كان فكاهيا في النهاية، فقد تحدث عن انفتاح النظام على القوى والأحزاب السياسية، ولكن لم يذكر لنا في أي بلد!! هل يتحدث عن الأحزاب والقوى السياسية في مصر مبارك أم في كردستان العراق؟! والنقطة الأخيرة «أو النقطة بفتح النون» كانت حديثه عن معدلات النمو، وأيضا لم يذكر أي معدلات نمو يقصد؟ هل يقصد معدلات نمو ثروات أعضاء لجنته وأباطرة الحديد وتجار المقاولات أم معدلات نمو العشوائيات وأعداد البطالة، فالشعب لا يعرف للأسف سوى نمو العشوائيات وتزايد أعداد البطالة، أما نمو أرصدة البنوك السويسرية وحساباتها فلا علاقة للشعب المصري بها؟! لا أجد ما أقوله، وإن أغنتني الأدبيات العربية عن التعليق، فقد جاء في الحديث بتصرف «إذا لم.... فقل ما شئت».