Ad

متى نرى منتجات دوائية مكتوبا عليها «صنع في الكويت»؟، ولماذا لا نرى مصانع أدوية كويتية على غرار تلك الموجودة في المنطقة، التي تنتج أدوية يتم تصديرها إلى دول عربية، وتحديدا المصانع السعودية والإماراتية والعمانية، خصوصا في ظل الوفرة المالية التي تعيشها الكويت هذه الأيام؟

ومن المسؤول عن ضبط «الأدوية المهربة» التي باتت تهدد حياتنا؟ كلها أسئلة نطرحها، علنا نجد إجابة عنها، وهي تمثل ناقوس خطر للتوعية بخطورة هذه القضية.

لماذا تتأخر اقامة صناعة دوائية في الكويت كما هو الحال في دول خليجية كالسعودية والامارات رغم الوفرة المالية والرفاهية التي تعيشها الكويت؟ ورب قائل ان مجانية الأدوية في الكويت تقف وراء تباطؤ قرار استثماري كهذا، لكن تبقى المقولة ناقصة ويعتريها الكثير من اللبس، فقيام المستشفيات الخاصه بات واضحا في دولة الكويت، وهروب العديد ممن تشملهم الرعاية الطبية المجانية، اضافة الى المجبرين على التعامل مع المستشفيات الخاصة وهم اكثر من المواطنين، يعطي أملا وباعثا لأصحاب رؤوس الأموال

للاستثمار في المجالات الطبية ومنها تصنيع الادوية الى السؤال عن سر عدم إتاحة الفرصة للقطاع الخاص للعب دور في هذا الاستثمار تحت رقابة الدولة؟.

على صعيد آخر، تطرح تساؤلات عن جودة الأدوية التي تستخدم في الكويت ومدى فعاليتها، وأسعار تلك الأدوية ومقارنتها بالأسعار الخليجية، وكذلك مدى الرقابة عليها من قبل الوزارة؟

وأسئلة أخرى نطرحها للنقاش في هذا الملف.

فمن جانبها حذرت مصادر صيدلانية مطلعة من تنامي ظاهرة تهريب الأدوية إلى السوق الكويتي، واصفة تلك الأدوية المهربة بـ«الرصاصة القاتلة»، وأوضحت أن أدوية النشاط الجنسي والتخسيس شديدة الخطورة على صحة الإنسان بسبب احتوائها على مركبات ضارة.

وقالت «إن هذه الأدوية المهربة تباع بأشكال مختلفة، فقد تباع من البيت أو المحلات وقد تأخذ شكلا آخر من خلال بيعها عبر التليفونات، بسبب خوف من يقوم ببيعها من الملاحقة، وزادت المصادر بالقول، «عادة ما تكون هذه الأدوية غير مفحوصة من قبل جهات رسمية، وهي تمثل خطورة كبيرة على من يتناولها، بسبب احتوائها على «خلطات» شديدة الخطورة، قد تودي بحياة الإنسان».

وشددت المصادر في حديثها لـ«الجريدة»، «على أن هناك كريمات تباع في أسواق شعبية ومحلات عطارة في أماكن مختلفة من الكويت وبها خلطة كرتوزون لتبييض البشرة، وهي منتجات تغرق السوق الكويتي وتأتينا من إحدى الدول المجاورة، وحينما تم فحصها داخل مختبرات وزارة الصحة وجد أنها تحتوي على مكونات للزئبق وهو مادة شديدة السمية».

ودعت إلى «أهمية التوعية لدى المواطنين لأخذ الحيطة والحذر من مثل هذه المنتجات، مؤكدة الدور الذي تلعبه إدارة الرقابة الدوائية بالتعاون مع بعض الجهات مثل الداخلية والجمارك في ضبط هذه المواد القاتلة».

وقالت إن الأدوية المهربة تعاني منها كثير من البلدان، ومن بينها لبنان على سبيل المثال لا الحصر، والتي نظمت حملة على هذه القضية للتوعية بخطورة الأدوية المهربة على صحة البشر.

الأدوية المحلية والمستوردة

وأوضحت المصادر «أن الصناعات الدوائية في الكويت مثلها مثل باقي الصناعات لا تأخذ اهتماما كبيرا من قبل الحكومة»، لكنها شددت على أن «بعض الأدوية التي تصنع محليا أو عربيا تعطي مفعولا علاجيا أفضل من تلك المستوردة»، وأضافت «ان المشكلة في نظرة المستهلك للمستورد أيا كان على أنه الأفضل والأجود».

كما أوضحت «أن الأدوية الموجودة في المستشفيات الحكومية هي نفسها التي تعطى في الصيدليات الخاصة والتجارية، وبنفس الفاعلية العلاجية، لكنه قال إن الموجود في المستشفيات قد يكون صنفا واحدا بعكس الصيدليات التي يوجد بها خمسة أنواع من نفس المادة الفعالة على سبيل المثال.

وأكدت المصادر أن هناك تنوعات ومسميات كثيرة للعقار لكن المادة الفعالة التي تعطى في مستشفيات الوزارة هي نفسها التي تعطى في الصيدليات التجارية، لكن هناك اختلافا في «الطبخة»، وأشارت إلى أن المادة الفعالة حتى لو كانت أقل في بعض الأدوية فإنها تبقى في نطاق المسموح به دوليا، مشددا على أن الكويت تستورد أدوية من الخارج تكون المادة الفعالة بها مسموح بها دوليا ولا تدخل تلك الأدوية إلى البلاد إلا بعد فحصها ومعرفة كمية المادة الفعالة الموجودة بها، وبناء على شهادات تقدمها الشركة المصنعة للدواء.

وترى المصادر أن أسعار الأدوية ليست مرتفعة مقارنة بمستوى الدخل، واشارت إلى «أن هناك دراسة أنجزت تؤكد أن قيمة ما يصرفه الفرد الكويتي على الأدوية لا يتعدى دينارا واحدا في السنة مقارنة بدخله الشهري، وهي نسبة جيدة جدا إذا ما قورنت بدول أخرى».

الرقابة على الأدوية

ومن جهته قال مدير ادارة التفتيش على الأدوية ومدير إدارة تسجيل ومراقبة الأدوية الطبية والنباتية في وزارة الصحة د. عمر السيد عمر يقول «إن اسعار الأدوية المتداولة في دولة الكويت سواء في القطاع الاهلي أو الحكومي تخضع لمراقبة ادارة التفتيش على الادوية»، ويضيف: «ان هناك العديد من اللجان المشَكلة لضبط أسعار الادوية تعمل على مراقبة جميع الشركات والمؤسسات المسجلة في دولة الكويت».

وعن تسعير الأدوية يقول عمر لـ«الجريدة»: «تنشر أسعار الادوية في الجريدة الرسمية بقرار وزاري، بعدها تطبق اجبارياً على جميع الصيدليات في القطاع الاهلي، وتشمل الأسعار سعر البيع للصيدلية والتاجر والجمهور».

اختلاف الأسعار

لكن ماذا عن اختلاف الأسعار بين صيدلية وأخرى، والتدابير التي تتخذها ادارة التفتيش على الأدوية في حال اكتشافها صيدلية حكومية أو أهلية تبيع أدوية بأسعار أعلى من مثيلاتها، أو بالأحرى بأسعار أكثر من المحددة لها؟، يقول السيد عمر: «في حال تجاوز الصيدلي الأسعار المحددة من الوزارة فإن القانون في هذه الحالة واضح ويقضي بالسجن مدة قد تصل الى ستة أشهر، وغرامة تصل الى 1000 دينار على الصيدلي، الذي يثبت أنه يبيع أدوية بأسعار مرتفعة»، مشيرا إلى «أن لجان التفتيش تتابع يومياً خلال الفترتين الصباحية والمسائية التفتيش على الصيدليات العاملة في دولة الكويت، وهناك ضبطية قضائية على الصيدليات».

وقال إن ادارة التفتيش على الأدوية التابعة لوزارة الصحة «تتابع الوصفة الطبية منذ لحظة صدورها من الطبيب حتى وصولها الى الصيدلي، وهناك مراقبة ايضا على الوصفات الطبية وطريقة صرفها وطريقة تخزين وتحضير الادوية داخل الصيدليات».

أسعار دول المنطقة

وعن اسعار الأدوية في الكويت ومقارنتها بدول المنطقة، يقول د. عمر السيد عمر: «أسعار الأدوية في الكويت مشابهة لأغلب الأسعار في دول الخليج، فأسعارنا على سبيل المثال لا الحصر قريبة جدا من أسعار الأدوية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك من حيث نسب استيراد الأدوية من الخارج، لكنه أكد أن دولة مثل المملكة العربية السعودية تستورد كميات كبيرة من الأدوية من الخارج، وذلك بسبب تعدادها السكاني الكبير، ومن ثم تقل أسعار الأدوية التي تتداول في المملكة، مشيراً إلى أن نسبة الأدوية التي تستوردها السعودية تفوق عشرة أضعاف مثيلتها في الكويت.

كيفية إجازة الأدوية

وعن الطرق التي تتم من خلالها إجازة الأدوية، يقول السيد عمر، «نحرص على عدم تسجيل أي شركة الا بعد مطابقتها للمواصفات العالمية، ولا نسجل أي دواء بالكويت إلا عقب رجوعنا إلى منظمات دولية، مثل منظمة الادوية والاغذية الاميركية والاوروبية، ولا نجيز أدوية قبل اجازتها من قبل هذه المنظمات»، ويضيف: «الأدوية التي تصرفها الوزارة لها مرجعيات موثوق بها، والأدوية الموجودة في مستودعات الوزارة مطابقة للمواصفات، وصالحة للاستخدام، ولا توجد بها أي مشاكل من الناحية الفنية».

وأوضح ان «الكويت تحلل كل شحنة تصل إليها، وتقوم ادارة الرقابة الدوائية بمتابعتها وتخزينها حتى وصولها إلى المريض بشكل سليم».

إعلان الأدوية في الصحف

أوضح د. عمر السيد عمر أنه «يمنع منعا باتاً اعلان الادوية في الصحف ما لم يكن مرخصا لها من قبل وزارة الصحة، وذلك وفقا لقانون 38 لعام 2002، وكذلك من قبل اللجنة المشكلة بقرار وزاري ومختصة بالاعلانات المتعلقة بصحة الانسان، مشيراً إلى أن هناك لجنة عليا خاصة باختيار أنواع الادوية، مشددا على «حرص الوزارة على ان يكون المستحضر المسجل لديها مرخصا من قبلها، والا يكون هناك مبالغة في تضليل المستهلك، مشيراً إلى أن هناك «200» اعلان تمت احالتها الى النيابة العامة لمخالفتها».

وحذّر من الانصياع وراء هذه الادوية ما لم تكن مسجلة من قبل الوزارة، مؤكدا أن الرقابة الدوائية تستقبل أي استفسارات بشأن هذه الادوية على ارقام 4837254–4847475.

البراك: لا نقص في الأدوية والمستودعات مليئة

قال وزير الصحة علي البراك إن الصيدليات الموجودة في مستشفيات وزارة الصحة تعمل بنظام الحاسب الآلي، وأشاد بعملية تخزين الأدوية، قائلا: «لقد قمت بزيارة ميدانية لهم ورأيت التخزين وهو في الحقيقة شيء مشرف، وهذا لا يمنع وجود سلبيات يتم علاجها ولدينا لجنة متابعة لموضوع الأدوية».

وعن أسباب نقص الأدوية في المستشفيات، قال الوزير: «ليس نقصاً في المستودعات، ولكن هناك تأخير في الطلبات من قبل المستشفيات، والمستودعات بها كل الادوية التي تحتاج إليها مستشفياتنا».

الأنسولين والبروتوكولات العلاجية

أثيرت قبل نحو شهرين قضية أدوية الانسولين التي تصرف لمرضى السكري الكويتيين، وأشارت حينها تقارير صحافية إلى رداءة أدوية الأنسولين التي تعطى للمرضى، بينما أكدت قيادات من داخل وزارة الصحة أن الأنسولين الذي يتداول في الكويت هو من أفضل الأنواع الموجودة عالميا، وأن توريد الأدوية إلى الكويت يتم وفق بروتوكولات علاجية مدروسة بدقة كبيرة.

وأوضح مسؤولو الوزارة في مؤتمر صحافي عقدوه للرد على استفسارات حول هذا الموضوع «أن هناك بروتوكولات علاجية مدروسة بعناية فائقة ودقة كبيرة تتبعها الكويت في ما يتصل بأدوية السكري».

وقالوا إن «أدوية الانسولين التي تعطى لمرضى السكري من أجود الاصناف العالمية، موضحين أن ميزانيات الكويت والوفرة المالية تسمح لها بجلب افضل الادوية ومن أرقى الشركات العالمية».