أعتقد، ومن دون مبالغة، أن الدولة- كل الدولة وليس أبناء المدارس فحسب- بحاجة إلى دورة تثقيفية وتوعوية مكثفة، تقدم المعنى الحقيقي للمواطنة الكويتية الحقة... وأتمنى ألا تكون على غرار «ترشيد».شاهدت قبل أيام مضت فيلماً بعنوان «The American President» من بطولة مايكل دوغلاس، وعلى الرغم من أنني شاهدته من قبل، فإن ما استرعى انتباهي في هذه المرة جملة قالها بطل الفيلم هي التي أوحت إليّ هذا المقال الذي بين أيديكم.
دستورنا العزيز نص في كثير من مواده على الحرية والتعبير، ولعل أبرز تلك النصوص هو ما ورد في مادته الثلاثين على أن «الحرية الشخصية مكفولة»، وغيرها من نصوص تكفل وتدعم الحريات.
أن تكون مواطناً كويتياً، فإن ذلك يعني الالتزام بما ينصه هذا الدستور من حقوق وواجبات، وألا تعارض هذا الدستور إلا من خلال القنوات الشرعية، على أن تكون المعارضة بتغيير الدستور بما يكفل المزيد من الحريات.
إن ما نص عليه الدستور يعني أننا يجب أن نحترم الحريات الشخصية احتراماً تاماً، فإن رأينا ما لا يعجبنا من غيرنا، وإن وجدنا أن هناك مَن يطالب بنقيض ما نطالب بشكل كلّي، ويتصرف بشكل مختلف ومعارض تماماً لما نعتقده ونمارسه، فعلينا أن نتحمل الاختلاف. وان نشاهد غيرنا يصرخ بأعلى صوته منادياً بما نعتقد أنه أغبى وأسخف ما يمكن أن ينادي به شخص على الإطلاق، ومع هذا لا نعزله عن الأمة، ولا ننبذه منها، والسبب بسيط، وهو أنه مواطن له حقوقه التي لا تختلف عن حقوقي وعليه واجبات لا تختلف عن واجباتي الدستورية.
والسؤال: هل بيننا كويتي حقاً يؤمن بذلك؟ هل مجلس الأمة أو الحكومة تؤمن بهذه الفكرة؟ شخصياً لا أعتقد ذلك، فبرأيي أن النواب خصوصاً، ولا أعمم الحال عليهم جميعا بل على كثير ممن أشاهدهم على الأقل، لا يعرفون من دستورنا إلا اسمه وعدد مواده، ولكنهم فعلا لا يعرفون عنه شيئاً، وأدلل على هذا الكلام بوجود نواب يفرضون علينا كيف نفكر، وبماذا نعتقد، وكيف نتصرف؟!
هل هذه هي الكويت حقا؟ إن المواطنة الكويتية هي مواطنة متقدمة جداً عن نظيراتها في المنطقة، وأن تكون مواطناً كويتياً تعني أن تتسامى فوق الاختلاف بشكل يصعب على الكثيرين، ممَن يعيشون على هذه الأرض، أن يتحملوه أو حتى يكونوا على مقربة منه.
أعتقد، ومن دون مبالغة، أن الدولة- كل الدولة وليس أبناء المدارس فحسب- بحاجة إلى دورة تثقيفية وتوعوية مكثفة (تمنى ألا تكون على غرار ترشيد) تقدم المعنى الحقيقي للمواطنة الكويتية الحقة.
خارج نطاق التغطية:
دخلنا في اليوم الحادي عشر من نشر خبر الاعتداء على أحد الأطفال في احد أنشطة الجمعيات المسماة بالخيرية من دون أن يتكلم أحد، وأنا لا أعفي نواب التيار المدني من السكوت الغريب هذا، ومازلنا في انتظار!